responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 453
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً هَالِكَةً: رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ الْأَنْدَلُسِيِّ عَنْ أَصْبَغَ بْنِ الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةِ بْنِ شُرَيْحِ: أَنَّ سَالِمَ بْنَ غَيْلَانَ التُّجِيبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ طَلِبَةٌ عِنْدَ أَخِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ» وَالْمَطْلُوبُ أَوْلَى بِالْيَمِينِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَأَخَذَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مُرْسَلٌ وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّينَ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً عَلَى الْمَالِكِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَا فِيهِ مِنْ عُمُومِ رَدِّ الْيَمِينِ فِي كُلِّ طَلِبَةِ طَالِبٍ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ أَوَّلَهُ فِي كُلِّ دَعْوَى مِنْ دَم، أَوْ نِكَاحٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ عَتَاقٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَتَخْصِيصُهُمْ آخِرَهُ فِي الْأَمْوَالِ بَاطِلٌ وَتَنَاقُضٌ، وَخِلَافٌ لِلْخَبَرِ الَّذِي مَوَّهُوا بِهِ، وَهَذَا قَبِيحٌ جِدًّا.
وَقَالَ مَالك فِي " مُوَطَّئِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ " أَرَأَيْت رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ: مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ طَالِبُ الْحَقِّ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ - فَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَلَا فِي بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذَ هَذَا؟ أَمْ فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدَهُ؟ فَإِذَا أَقَرَّ بِهَذَا فَلْيُقِرَّ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا احْتِجَاجٌ نَاهِيكَ بِهِ عَجَبًا فِي الْغَفْلَةِ -: أَوَّلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِي رَدِّ الْيَمِينِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَلَا فِي بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ - فَلَئِنْ كَانَ خَفِيَ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ لَعَجَبٌ.
ثُمَّ قَوْلُهُ: إذَا أَقَرَّ بِرَدِّ الْيَمِينِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلْيُقِرَّ - بِالْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدِ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى - فَهَذَا أَيْضًا عَجَبٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] .
وَأَمَّا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الطَّالِبِ إذَا نَكَلَ الْمَطْلُوبُ - فَمَا كَانَ قَطُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ، كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
وَإِذَا وَجَبَ الْأَخْذُ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَبْ فِي لَفْظِ آيَاتِ الْقُرْآنِ فَمَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 453
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست