responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 438
وَأَيْضًا - فَإِنَّ الصَّحِيحَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ إذَا صَحَّ الْحَقُّ قَبْلَهُ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَإِنَّمَا ذَكَرَ عَنْ لُقْمَانَ كَلَامًا، وَأَيْنَ لُقْمَانُ مِنْ أَيَّامِ عُمَرَ.
ثُمَّ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ بِدَعْوَى خَصْمِهِ فَقَطْ - وَهَكَذَا نَقُولُ.
وَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهِمَا قَضَاءَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا شُرَيْحٌ - فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَنْ مُجَالِدٍ، وَمُجَالِدٌ ضَعِيفٌ
وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى: إنَّمَا فِيهَا أَنَّهُ لَا يُلَقَّنُ خَصْمًا فَقَطْ - وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُونَ بِهِ - فَسَقَطَ قَوْلُهُمْ لِتَعَرِّيه مِنْ الْبُرْهَانِ.
وَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} [النساء: 135] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى حَاضِرًا مِنْ غَائِبٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى حَاضِرًا مِنْ غَائِبٍ.
فَصَحَّ وُجُوبُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا هُوَ عَلَى الْحَاضِرِ.
وَمَا نَدْرِي فِي الضَّلَالِ أَعْظَمَ مِنْ فِعْلِ حَاكِمٍ شَهِدَ عِنْدَهُ الْعُدُولُ بِأَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَتَلَ زَيْدًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً، أَوْ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْحُرَّةَ أَوْ تَمَلَّكَهَا، أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، أَوْ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْأَمَةَ مِنْ هَذَا، أَوْ تَمَلَّكَ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً، فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى كُلِّ ذَلِكَ وَتَبْقَى فِي مِلْكِهِ الْحُرَّةُ وَالْفَرْجُ الْحَرَامُ، وَالْمَالُ الْحَرَامُ، أَلَا إنَّ هَذَا هُوَ الضَّلَالُ الْمُبِينُ، وَالْجَوْرُ الْمُتَيَقَّنُ، وَالْفِسْقُ الْمَتِينُ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا حَكَمَ عَلَى الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا الرِّعَاءَ وَسَمَلُوا أَعْيُنَهُمْ وَفَرُّوا، فَأَتْبَعَهُمْ بِقَائِفٍ - وَهُمْ غُيَّبٌ - حَتَّى أُدْرِكُوا وَاقْتَصَّ مِنْهُمْ. وَعَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ - وَهُمْ غُيَّبٌ - بِأَنْ يُقِيمَ الْحَارِثِيُّونَ أَوْلِيَاءُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْبَيِّنَةَ أَوْ يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْهُمْ عَلَى قَاتِلِهِ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ وَيُسَلَّمُ إلَيْهِمْ أَوْ يُؤَدُّوا دِيَتَهُ، أَوْ يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْ يَهُودَ أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ وَيَبْرَءُونَ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست