responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 435
فَإِنْ قَالُوا: يَبْعَثُ فِيهِ؟ قُلْنَا: وَابْعَثُوا أَيْضًا فِي كُلِّ غَائِبٍ وَلَا فَرْقَ.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ تَتَعَذَّرُ الْبَعْثَةُ فِيهِ.
قُلْنَا: وَقَدْ يَكُونُ إلَى جَانِبِ حَائِطِ الْحَاكِمِ، وَتَتَعَذَّرُ الْبَعْثَةُ فِيهِ أَيْضًا لِتَعَذُّرِهِ أَوْ لِبَعْضِ الْوُجُوهِ، ثُمَّ قَدْ فَحُشَ تَنَاقُضُهُمْ هَاهُنَا، فَقَالُوا: مَنْ غَابَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفُ، فَإِنَّهُ يُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَصَاغِرِ وَلَدِهِ، وَعَلَى أَكَابِرِ وَلَدِهِ - إنْ كَانُوا زَمْنَى - وَعَلَى بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ - وَإِنْ كُنَّ بَالِغَاتٍ غَيْرَ زَمِنَاتٍ - وَعَلَى أَبَوَيْهِ - الْفَقِيرَيْنِ الزَّمِنَيْنِ - مِنْ طَعَامِهِ وَزَيْتِهِ وَثِيَابِهِ الَّذِي تَشَاكَلَ لِبَاسُ مَنْ ذَكَرْنَا، وَمِنْ دَرَاهِمِهِ وَدَنَانِيرِهِ، وَلَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ عَقَارٌ، وَلَا عُرُوضٌ، وَلَا حَيَوَانٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الطَّعَامِ وَالزَّيْتِ وَالنَّاضِّ وَالثِّيَابِ - وَدِيعَةً عِنْدَ مُقِرٍّ أَوْ غَيْرِ مُقِرٍّ، أَوْ فِي مَنْزِلِ الْغَائِبِ -.
وَهَذَا كَلَامٌ جَمَعَ مِنْ السُّخْفِ وُجُوهًا عَظِيمَةً، وَهُوَ حُكْمٌ عَلَى الْغَائِبِ، وَتُحْكَمُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ، إلَى تَخَالِيطَ لَهُمْ هَاهُنَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، وَقَضَوْا عَلَى الْمُرْتَدِّ إذَا لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ بِأَنَّهُ مَيِّتٌ - وَهُوَ حَيٌّ - وَقَسَمُوا مَا لِلَّهِ عَلَى وَرَثَتِهِ - وَهَذَا قَضَاءٌ بِالْبَاطِلِ عَلَى غَائِبٍ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ مَنْ ذَكَرْنَا فِي النَّفَقَةِ وَبَيْنَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ فِي الدُّيُونِ، وَحَقِّ الْمَغْصُوبِينَ فِيمَا غُصِبَ مِنْهُمْ، وَتَقَاسِيمُ لَا تُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَهُمْ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَوَّهُوا فِي ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ - وَهِيَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ - نَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنُبَيِّنُ أَنَّهَا عَلَيْهِمْ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ.
وَأَمَّا مَنْ أَجْمَلَ أَنْ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَسُفْيَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا: بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرْسِلُنِي وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ لَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيَهْدِي قَلْبَكَ وَيُثَبِّتُ لِسَانَكَ، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يَتَبَيَّنَ لَكَ الْقَضَاءُ» ، قَالَ: فَمَا زِلْت قَاضِيًا وَمَا شَكَكْت فِي قَضَاءٍ بَعْدُ. وَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 435
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست