responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 377
فَنَقُولُ لَهُ: نَعَمْ، وَصَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ سِنِينَ، فَأَجِيزُوا وَصِيَّةَ ابْنِ سِتِّ سِنِينَ بِذَلِكَ -.
وَهَذَا كُلُّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْوَصِيَّةِ أَصْلًا.
وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ وَصِيَّةَ الصَّغِيرَيْنِ إذَا أَصَابَا الْحَقَّ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] .
قَالُوا: وَهَذَا عُمُومٌ، وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمَوَارِيثِ: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَهَذَا عُمُومٌ، وَبِالثَّابِتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ «سَأَلَتْهُ الْمَرْأَةُ عَنْ الصَّغِيرِ أَلَهُ حَجٌّ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: نَعَمْ، وَلَكَ أَجْرٌ»
وَوَجَدْنَاهُ يَحُضُّ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فَالْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ.
وَقَالُوا: السَّفِيهُ، وَالصَّغِيرُ مَمْنُوعَانِ مِنْ أَمْوَالِهِمَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَوَصِيَّةُ السَّفِيهِ: جَائِزَةٌ، فَالصَّغِيرُ كَذَلِكَ؟
وَقَالُوا: هَذَا حُكْمُ عُمَرَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ، لِأَنَّهَا عَنْ هَالِكِينَ: إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ - مَا لَهُمْ شُبْهَةٌ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا -.
وَكُلُّ ذَلِكَ لَا مُتَعَلِّقَ لِمَالِكٍ وَمَنْ قَلَّدَهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ خَصُّوا مَنْ دُونَ التِّسْعِ بِلَا؛ بُرْهَانٍ، فَخَالَفُوا كُلَّ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ -: أَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] .
وقَوْله تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] .
فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّرَائِعِ، لَا بِفَرْضٍ وَلَا بِتَحْرِيمٍ وَلَا بِنَدْبٍ، وَلَا دَاخِلًا فِي هَذَا الْخِطَابِ، لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِقَبُولِ أَعْمَالِهِ الَّتِي هِيَ أَعْمَالُ الْبِرِّ بِبَدَنِهِ دُونَ أَنْ يُلْزِمَهُ ذَلِكَ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ فَصَحَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، فَبَطَلَ التَّعْلِيقُ بِالْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست