responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 370
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: بِجَوَازِ كُلِّ ذَلِكَ، وَأَنَّ لِلْوَرَثَةِ بَيْعَ الْعَبْدِ، وَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَمَامُ الْخِدْمَةِ لِلْمُوصِي بِهَا، وَأَنْ يُخْرِجَهُ الْمُوصَى لَهُ بِخِدْمَتِهِ إلَى أَيِّ بَلَدٍ شَاءَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَاتَّفَقَ مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَغَلَّةِ الْبُسْتَانِ، وَسُكْنَى الدَّارِ - وَوَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيَّانِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ عَلِيٌّ: احْتَجَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَمَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِي مَنَافِعِ كُلِّ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِمَنَافِعِ كُلِّ ذَلِكَ - وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَهُوَ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، ثُمَّ هُوَ أَيْضًا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تَجُوزُ فِيمَا مَلَكَ الْمُؤَاجِرُ رَقَبَتَهُ، لَا فِيمَا لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَالدَّارُ، وَالْعَبْدُ، وَالْبُسْتَانُ مُتَنَقِّلَةٌ بِمَوْتِ الْمَالِكِ لَهَا إلَى مَا أَوْصَى فِيهِ بِكُلِّ ذَلِكَ، أَوْ إلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا.
وَهَذَا بِإِقْرَارِهِمْ مُنْتَقِلٌ إلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ وَوَصِيَّةُ الْمَرْءِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بَاطِلٌ، لَا تَحِلُّ كَمَا أَنَّ إجَارَتَهُ لِمِلْكِ غَيْرِهِ لَا تَحِلُّ، وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا هِيَ مَنَافِعُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ، وَالْوَصِيَّةُ هِيَ فِي مَنَافِعَ تَحْدُثُ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْمُوصِي، وَهَذَا حَرَامٌ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] فَلَمْ يَجْعَلْ عَزَّ وَجَلَّ لِلْوَرَثَةِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ -.
فَصَحَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي فَلَمْ يَقَعْ قَطُّ عَلَيْهِ مِلْكُ الْوَرَثَةِ لَكِنْ خَرَجَ بِمَوْتِ الْمُوصِي إلَى الْوَصِيَّةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
وَصَحَّ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ مَا مَلَكَهُ الْوَرَثَةُ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ فِيهِ لِلْمُوصِي أَصْلًا.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَا مَلَكَهُ الْوَرَثَةُ فَقَطْ سَقَطَ عَنْهُ مِلْكُ الْمَيِّتِ، وَإِذْ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ فَوَصَايَاهُ فِيهِ بِعِتْقٍ أَوْ بِنَفَقَةٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ بَاطِلٌ، مَرْدُودٌ مَفْسُوخٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بمتاع الْبَيْت]
1760 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَوْصَى بِمَتَاعِ بَيْتِهِ لِأُمِّ وَلَدِهِ، أَوْ لِغَيْرِهَا، فَإِنَّمَا لِلْمُوصَى لَهُ بِذَلِكَ مَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست