responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 345
مِنْ الصَّحَابَةِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ -: هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَكُلُّهُ إمَّا لَا شَيْءَ وَإِمَّا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ.
أَمَّا الْخَبَرُ الصَّحِيحُ: فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ تَمْوِيهِهِمْ بِهِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ؟ هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْئًا مِنْ حُكْمِ الْمِيرَاثِ بِنَصٍّ أَوْ بِدَلِيلٍ؟ أَمَّا هَذَا تَقْوِيلٌ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا لَمْ يَقُلْ؟ وَهَلْ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ إلَّا أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْخُسُهُ؟ وَهَذَا حَقٌّ نُؤْمِنُ بِهِ، وَمَا خُولِفُوا قَطُّ فِي هَذَا، ثُمَّ فِيهِ «أَنَّهُ يَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ» هَذَا فَبِضَرُورَةِ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ نَدْرِي يَقِينًا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّمَا عَنِي بِذَلِكَ مَنْ اسْتَهَلَّ مِنْهُمْ، وَبَقِيَ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ؟ فَنَقُولُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا أَيُوجَدُ مَوْلُودٌ يَخْرُجُ حَيًّا وَلَا يَسْتَهِلُّ؟ أَمْ لَا يُوجَدُ أَصْلًا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا يُوجَدُ أَصْلًا كَابَرُوا الْعِيَانَ وَأَنْكَرُوا الْمُشَاهَدَةَ، فَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرٌ لَا يَسْتَهِلُّ إلَّا بَعْدَ أَزْيَدَ مِنْ سَاعَةٍ زَمَانِيَّةٍ، وَرُبَّمَا لَمْ يَسْتَهِلَّ حَتَّى يَمُوتَ؟ ثُمَّ نَقُولُ لَهُمْ: فَإِذْ لَا يُوجَدُ هَذَا أَبَدًا فَكَلَامُكُمْ وَكَلَامُنَا فِيهَا عَنَاءٌ، وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ تَكَلَّمَ فِيمَنْ يُولَدُ مِنْ الْفَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَالِّ؟ فَإِنْ قَالُوا: بَلْ قَدْ يُوجَدُ هَذَا؟ قُلْنَا لَهُمْ: فَأَخْبِرُونَا الْآنَ أَتَقُولُونَ: إنَّهُ لَيْسَ مَوْلُودًا؟ فَهَذِهِ حَمَاقَةٌ وَمُكَابَرَةٌ لِلْعَيَانِ، أَمْ تَقُولُونَ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يَنْخُسْهُ، فَتُكَذِّبُوا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَهَذَا كَمَا تَرَوْنَ؟ أَمْ تَقُولُونَ: إنَّهُ نَخَسَهُ فَلَمْ يَسْتَهِلَّ؟ فَهَذَا قَوْلُنَا، وَرَجَعْتُمْ إلَى الْحَقِّ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَكَرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ: مَنْ يَسْتَهِلُّ دُونَ مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثِ، إلَّا أَنَّهُ بِكُلِّ حَالٍ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِ الْمَوَارِيثِ، فَبَطَلَ احْتِجَاجُهُمْ بِهِ - وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ سَوَاءً سَوَاءً.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا: أَنَّهُ إذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ، وَهَكَذَا نَقُولُ، وَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يَرِثْ، فَإِقْحَامُهُ فِيهِ: كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ لَفْظَةَ " الِاسْتِهْلَالِ " فِي اللُّغَةِ هُوَ الظُّهُورُ، تَقُولُ اسْتَهَلَّ الْهِلَالُ بِمَعْنَى ظَهَرَ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: إذَا ظَهَرَ الْمَوْلُودُ وَرِثَ، وَهُوَ قَوْلُنَا.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 345
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست