responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 321
وَأَمَّا كَوْنُ الْجَدِّ يُدْلِي بِوِلَادَتِهِ لِأَبِي الْمَيِّتِ، وَكَوْنُ الْإِخْوَةِ يُدْلُونَ بِوِلَادَةِ أَبِي الْمَيِّتِ لَهُمْ وَلِلْمَيِّتِ، فَهُمْ أَقْرَبُ، فَلَيْسَتْ الْمَوَارِيثُ بِالْقُرْبِ وَلَا بِالْبُعْدِ، فَهَذَا ابْنُ الْبِنْتِ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَا يَلْتَقِي مَعَ الْمَيِّتِ إلَّا إلَى أَزْيَدَ مِنْ عِشْرِينَ أَبًا، وَهُوَ لَا يَرِثُ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ شَيْئًا، وَهَذِهِ الْعَمَّةُ أَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الْعَمِّ، وَلَا تَرِثُ مَعَهُ شَيْئًا، فَكَيْفَ وَالْجَدُّ أَقْرَبُ، لِأَنَّ وِلَادَتَهُ لِأَبِي الْمَيِّتِ كَانَتْ قَبْلَ وِلَادَةِ أَبِي الْمَيِّتِ لِإِخْوَةِ الْمَيِّتِ، فَوَلَدُ الِابْنِ هُوَ بَعْضُ الْجَدِّ، فَالْجَدُّ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَخِيهِ -: فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ -.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا التَّنْظِيرُ، وَهَذَا التَّشْبِيهُ، وَهَذَا التَّمْثِيلُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَهَذَا الْقِيَاسُ بِهِ يَحْتَجُّ أَهْلُ الْقِيَاسِ فِي إثْبَاتِ الْقِيَاسِ، فَانْظُرُوا وَاعْتَبِرُوا، وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ، أَوْ عَلِيٌّ، أَوْ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هَذِهِ الْفَضَائِحَ.
وَهَلْ رَأَى قَطُّ ذُو مَسْكَةِ عَقْلٍ أَنَّ غُصْنَيْنِ تَفَرَّعَا مِنْ غُصْنٍ مِنْ شَجَرَةٍ، أَوْ جَدْوَلَيْنِ تَشَعَّبَا مِنْ خَلِيجٍ مِنْ نَهْرٍ يُوجِبُ حُكْمًا فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ بِانْفِرَادِهِ دُونَهُمْ، أَوْ بِانْفِرَادِهِمْ دُونَهُ، فَكَيْفَ إنْ صِرْنَا إلَى إيجَابِ سُدُسٍ، أَوْ رُبْعٍ، أَوْ ثُلُثٍ، أَوْ مُعَادَةٍ، أَوْ مُقَاسَمَةٍ، وَاَللَّهِ مَا قَالَ قَطُّ زَيْدٌ، وَلَا عَلِيٌّ، وَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ: شَيْئًا مِنْ هَذِهِ التَّخَالِيطِ، وَهَذَا آفَةُ الْمُرْسَلِ، وَرِوَايَةُ الضُّعَفَاءِ سُفْيَانُ: أَنَّ زَيْدًا، وَعَلِيًّا، قَالَا لِعُمَرَ؟ بِاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ لَطَفْرَةٌ وَاسِعَةٌ، وَعِيسَى الْحَنَّاطُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ: هُمَا وَاَللَّهِ المرءان يُرْغَبُ عَنْ رِوَايَتِهِمَا، وَلَا يُقْبَلَانِ إلَّا مَعَ عَدْلٍ - وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لِلْجَدِّ فَرْضٌ مَعْلُومٌ، إنَّمَا هُوَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى حَسَبِ قِلَّةِ الْإِخْوَةِ وَكَثْرَتِهِمْ، فَوَجَدْنَاهُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجَدِّ فَرْضٌ لَازِمٌ، فَحَرَامٌ أَخْذُ مَالِ الْإِخْوَةِ وَإِعْطَاؤُهُ إيَّاهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِمْ الصَّغِيرُ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْكَارِهُ، وَالْغَائِبُ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] .
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَقَالَ تَعَالَى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] .

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 321
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست