responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 319
الْبَنَاتِ الثُّلُثُ، وَمَعَ الْبِنْتِ النِّصْفُ - وَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ، وَلَا أُمٌّ، وَلَا جَدَّةٌ، وَلَا زَوْجٌ، وَلَا زَوْجَةٌ، وَلَا أَبٌ: فَلَهُ الْكُلُّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي حُجَّةِ كُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ، فَوَجَدْنَا مَنْ تَوَقَّفَ فِي مِيرَاثِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَجَّ بِمُرْسَلِ سَعِيدٍ الَّذِي أَوْرَدْنَا قَبْلَ هَذَا الْمَكَانِ بِثَلَاثَةِ أَسْطَارٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ وَهُوَ لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْبَيَانِ لَا يُبَيِّنُ مَا أُمِرَ بِبَيَانِهِ ثُمَّ يَتَوَعَّدُ فِيهَا بِأَنَّهُ جَرِيءٌ عَلَى النَّارِ، وَمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ عَلَيْنَا فَلَا يَلْزَمُنَا أَصْلًا، وَكُلُّ مَا أَلْزَمَنَا فَقَدْ بَيَّنَهُ عَلَيْنَا، وَإِذَا قُلْنَا مَا بَيَّنَهُ عَلَيْنَا فَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى النَّارِ، بَلْ سَلَكْنَا فِي طَرِيقِ الْجَنَّةِ.
وَلَا يَخْلُو الْجَدُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِيرَاثٌ، أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ مِيرَاثٌ، فَإِنْ كَانَ لَا مِيرَاثَ لَهُ، فَمَانِعُهُ مُحْسِنٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مِيرَاثٌ فَإِعْطَاؤُهُ حَقَّهُ فَرْضٌ، لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ مِنْهُ، فَالْجُرْأَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَرْضٌ وَاجِبٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ إعْطَائِهِ أَوْ مِنْ مَنْعِهِ، فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَكُونَ الْجُرْأَةُ فِي حُكْمِهِ فِي الْمِيرَاثِ فَرْضًا، يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى مَنْ تَرَكَهَا، ثُمَّ يَتَوَعَّدُ عَلَى فِعْلِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا بِالنَّارِ، وَلَكِنَّ هَذَا عَيْبُ الْمُرْسَلِ، وَاَللَّهِ - قَطْعًا - مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ هَذَا الْكَلَامَ وَهُوَ يَتْلُو كَلَامَ رَبِّهِ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] .
وَ {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] .
وَلَكِنْ سَعِيدٌ إذْ أَضَافَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْهَمَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ وَعَنْ عُمَرَ، وَصَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ، أَوْ وَهْمٌ مِنْ دُونِ سَعِيدٍ فَأَضَافَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَإِنَّمَا الْمَحْفُوظُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ: أَنَّهُ عَنْ عُمَرَ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ أَوْ سَمِعَهُ سَعِيدٌ مِمَّنْ وَهَمَ فِيهِ، لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ - اللَّذَيْنِ مَنَعَاهُ الْمِيرَاثَ مَعَ الْإِخْوَةِ - فَوَجَدْنَا حُجَّتَهُمْ أَنْ قَالُوا: وَجَدْنَا مِيرَاثَ الْإِخْوَةِ مَنْصُوصًا فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ نَجِدْ لِلْجَدِّ مِيرَاثًا فِي الْقُرْآنِ، وَوَجَدْنَا الْجَدَّ يُدْلِي بِوِلَادَتِهِ لِأَبِي الْمَيِّتِ، وَوَجَدْنَا الْإِخْوَةَ يُدْلُونَ بِوِلَادَةِ أَبِي الْمَيِّتِ: فَهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست