responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 293
ثُمَّ لَوْ صَحَّا لَمَا كَانَ فِيهِ خِلَافٌ لِقَوْلِنَا؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ بِتَوْرِيثِهَا السُّدُسَ مِنْ حَيْثُ تَرِثُ الْأُمُّ السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ.
وَأَمَّا خَبَرُ بُرَيْدَةَ فَعَبْدُ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ مَجْهُولٌ.
وَخَبَرُ عَلِيٍّ أَفْسَدَهَا كُلَّهَا؛ لِأَنَّ ابْنَ وَهْبٍ لَمْ يُسَمِّ مَنْ أَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَأَيْضًا فَعَبْدُ الْوَهَّابِ هَالِكٌ سَاقِطٌ.
وَأَيْضًا فَلَا سَمَاعَ يَصِحُّ لِمُجَاهِدٍ مِنْ عَلِيٍّ وَالرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يُعْرَفُ مَخْرَجُهَا، وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ لَهَا السُّدُسَ حَيْثُ لِلْأُمِّ السُّدُسُ.
وَهَلَّا قَالُوا هَاهُنَا بِقَوْلِهِمْ الْمَعْهُودِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَتْرُكْ مَا رُوِيَ إلَّا لِأَمْرٍ هُوَ أَقْوَى فِي نَفْسِهِ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَوْ صَحَّ هَاهُنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمٌ بِخِلَافِ قَوْلِنَا لَقُلْنَا بِهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ رَوَيْتُمْ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ الْمَذْكُورِ: جَاءَتْ الْجَدَّةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: إنَّ ابْنَ ابْنِي، أَوْ ابْنَ ابْنَتِي مَاتَ، وَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّ لِي فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقًّا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَجِدُ لَك فِي الْكِتَابِ حَقًّا، وَمَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْضِي لَك بِشَيْءٍ وَسَأَسْأَلُ النَّاسَ؟ قُلْنَا: إنَّمَا أَخْبَرَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ وُجُودِهِ وَسَمَاعِهِ وَصَدَقَ، وَقَدْ رَوَيْتُمْ فِي هَذَا الْخَبَرِ: أَنَّ الْمُغِيرَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ سَمِعَا فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَسْمَعْ، فَرَجَعَ هُوَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى مَا سَمِعَا مِمَّا لَمْ يَسْمَعْ هُوَ؟ فَأَيُّ غَرِيبَةٍ فِي أَنْ لَا يَجِدَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ فِي ذِكْرِهِ حِينَئِذٍ مَا يَجِدُ غَيْرُهُ وَقَدْ مَنَعَ عُمَرُ مِنْ التَّزَيُّدِ عَلَى مِقْدَارِ مَا فِي الصَّدَاقِ، فَلَمَّا ذُكِّرَ بِالْقُرْآنِ رَجَعَ، وَمِثْلُ هَذَا لَهُمْ كَثِيرٌ.
وَقَدْ وَجَدْنَا نَصًّا: أَنَّ الْجَدَّةَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ فِي الْقُرْآنِ، وَمِيرَاثُ الْأَبَوَيْنِ فِي الْقُرْآنِ، فَمِيرَاثُهَا فِي الْقُرْآنِ، وَلَيْسَ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ مَا فِي حِفْظِهِ، وَنَسِيَ آدَم، فَنَسِيَ بَنُوهُ، فَهَذَا مِيرَاثُ الْجَدَّةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ؟ وَلَيْسَ لِمُخَالِفِنَا مُتَعَلَّقٌ أَصْلًا، لَا بِقُرْآنٍ، وَلَا بِسُنَّةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا نَظَرٍ؟ وَمَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]
وَلَا مَعْنَى لِكَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ وَقِلَّتِهِمْ، وَقَدْ أَفْرَدْنَا أَجْزَاءَ ضَخْمَةً فِيمَا خَالَفَ فِيهِ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست