responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 285
وَهَذَا قَوْلُنَا، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ، إلَّا رِوَايَتَيْنِ رُوِيَتَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَقْسِمُونَ الثُّلُثَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ وَالْأُخْتَ لِلْأُمِّ يَرِثَانِ مَعَ الْأَبِ. فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فَلَا نَقُولُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ أَنْ يَقُولُوا بِهَذِهِ الْقَوْلَةِ قِيَاسًا عَلَى مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ، أَوْ الْأَشِقَّاءِ، وَبِاَللَّهِ لَوْ صَحَّ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَاسِ لَكَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ كُلِّ مَا حَكَمُوا فِيهِ بِالْقِيَاسِ، وَأَيْنَ هَذَا الْقِيَاسُ مِنْ قِيَاسِهِمْ مِيرَاثَ الْبِنْتَيْنِ عَلَى مِيرَاثِ الْأُخْتَيْنِ، وَسَائِرِ تِلْكَ الْمَقَايِيسِ الْفَاسِدَةِ؟
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَلَمْ تَصِحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَّا فِي السُّدُسِ الَّذِي حَطَّهُ الْإِخْوَةُ مِنْ مِيرَاثِ الْأُمِّ فَرَدُّوهَا إلَى السُّدُسِ عَنْ الثُّلُثِ فَقَطْ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ خِلَافُهَا - وَلَمْ نَقُلْ بِهَا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى هَذَا التَّوْرِيثَ " كَلَالَةً " فَوَجَبَ أَنْ تَعْرِفَ مَا " الْكَلَالَةُ " وَمَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْبَرَ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا بِنَصٍّ ثَابِتٍ، أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ، وَإِلَّا فَهُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَوَجَدْنَا: مَنْ يَرِثُهُ إخْوَةٌ أَوْ أَخَوَانِ أَوْ أَخٌ: إمَّا شَقِيقٌ، وَإِمَّا لِأَبٍ، وَإِمَّا لِأُمٍّ - وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَا ابْنَةَ، وَلَا وَلَدَ ابْنِ ذَكَرٍ - وَإِنْ سَفَلَ - وَلَا أَبَ وَلَا جَدَّ لِأَبٍ - وَإِنْ عَلَا - فَهُوَ كَلَالَةٌ، مِيرَاثُهُ كَلَالَةٌ بِإِجْمَاعٍ مَقْطُوعٍ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ.
وَوَجَدْنَا أَنَّ مَنْ نَقَصَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ شَيْءٌ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ: أَهُوَ كَلَالَةٌ أَمْ لَا؟ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْطَعَ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا بِالْإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ الثَّابِتِ - إذَا لَمْ نَجِدْ نَصًّا مُفَسِّرًا - فَوَجَبَ بِهَذَا أَنْ لَا يَرِثَ الْإِخْوَةُ كَيْفَ كَانُوا، إلَّا حَيْثُ يُعْدَمُ كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا، إلَّا أَنْ يُوجِبَ مِيرَاثَ بَعْضِهِمْ نَصٌّ صَحِيحٌ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ فَقَطْ: وَهُوَ الْأَخُ الشَّقِيقُ، أَوْ لِلْأَبِ مَعَ الِابْنَةِ فَصَاعِدًا، وَأُخْتٌ مِثْلُهُ مَعَهُ فَصَاعِدًا، مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْبَنَاتُ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست