responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 282
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَشُكُّ ذُو مُسْكَةِ عَقْلٍ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ قَطُّ إعْطَاءَ فَرَائِضَ لَا يَسَعُهَا الْمَالُ، وَوَجَدْنَا ثَلَاثَ حُجَجٍ قَاطِعَةٍ مُوجِبَةٍ صِحَّةَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ. إحْدَاهَا - الَّتِي ذَكَرَ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ لَمْ يَحُطَّهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ عَنْ فَرْضٍ مُسَمًّى، عَلَى مَنْ حَطَّهُ عَنْ الْفَرْضِ الْمُسَمَّى إلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ إلَّا مَا بَقِيَ.
وَالثَّانِيَةُ - أَنَّهُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ عَرَفْنَا أَنَّ تَقْدِيمَ مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِيرَاثَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمَنْ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ مَانِعٌ أَصْلًا، إذَا كَانَ هُوَ وَالْمَيِّتُ حُرَّيْنِ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، عَلَى مَنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ مِنْ الْمِيرَاثِ لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ مِمَّا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، وَكُلُّ مَنْ قَدْ يَرِثُ وَقَدْ لَا يَرِثُ، فَبِالضَّرُورَةِ نَدْرِي أَنَّهُ لَا يَرِثُ إلَّا بَعْدَ مَنْ يَرِثُ وَلَا بُدَّ.
وَوَجَدْنَا الزَّوْجَيْنِ وَالْأَبَوَيْنِ يَرِثُونَ أَبَدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَوَجَدْنَا الْأَخَوَاتِ قَدْ يَرِثْنَ وَقَدْ لَا يَرِثْنَ.
وَوَجَدْنَا الْبَنَاتِ لَا يَرِثْنَ إلَّا بَعْدَ مِيرَاثِ مَنْ يَرِثُ مَعَهُنَّ.
وَالثَّالِثَةُ - أَنْ نَنْظُرَ فِيمَنْ ذَكَرْنَا فَإِنْ وَجَدْنَا الْمَالَ يَتَّسِعُ لِفَرَائِضِهِنَّ أَيْقَنَّا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرَادَهُمْ فِي تِلْكَ الْفَرِيضَةِ نَفْسِهَا بِمَا سُمِّيَ لَهُمْ فِيهَا فِي الْقُرْآنِ، وَإِنْ وَجَدْنَا الْمَالَ لَا يَتَّسِعُ لِفَرَائِضِهِمْ نَظَرْنَا فِيهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا، فَمَنْ وَجَدْنَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَدْ اتَّفَقَ جَمِيعُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا مَقْطُوعًا بِهِ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي تِلْكَ الْفَرِيضَةِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ أَيْقَنَّا قَطْعًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْهُ قَطُّ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَمْ نُعْطِهِ إلَّا مَا اُتُّفِقَ لَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ لَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ نُعْطِهِ شَيْئًا، لِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهُ فِي النُّصُوصِ فِي الْقُرْآنِ.
وَمَنْ وَجَدْنَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَدْ اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَهُ مَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي الْقُرْآنِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ لَهُ إلَّا بَعْضُ الْمُسَمَّى فِي الْقُرْآنِ، وَجَبَ وَلَا بُدَّ يَقِينًا أَنْ يُقْضَى لَهُ بِالْمَنْصُوصِ فِي الْقُرْآنِ، وَأَنْ لَا يُلْتَفَتَ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِخِلَافِ النَّصِّ، إذْ لَمْ يَأْتِ فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ بِنَصٍّ آخَرَ.
وَهَذَا غَايَةُ الْبَيَانِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى شُذُوذِ شَيْءٍ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ،

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست