responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 235
وَمَنَعَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا مَعْقُولٍ، بَلْ قَوْلُهُمْ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ، لَا سِيَّمَا احْتِجَاجُهُمْ لِقَوْلِهِمْ الْفَاسِدِ بِمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، فَإِذْ هُوَ عَبْدٌ، فَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَيْعِهِ، وَإِذْ هِيَ أَمَةٌ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ وَطْئِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6] فَلَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَوَطْؤُهَا لَهُ حَلَالٌ، أَوْ مِمَّا لَا تَمْلِكُ يَمِينُهُ، فَهِيَ إمَّا حُرَّةٌ وَإِمَّا أَمَةٌ لِغَيْرِهِ، لَا يُعْقَلُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي طَبِيعَةِ الْعُقُولِ إلَّا هَذَا. وَلَوْ أَنَّهُمْ اعْتَرَضُوا بِهَذَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَكَانَ اعْتِرَاضِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَزَوُّجِهِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، فَقَالُوا: لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَهَذَا نِكَاحٌ بِلَا صَدَاقٍ، لَكَانَ أَسْلَمَ لَهُمْ مِنْ الْإِثْمِ فِي الْأُخْرَى، وَمِنْ السُّخْرِيَةِ بِهَذَا الْقَوْلِ السَّخِيفِ فِي الْأُولَى.
وَجَوَابُهُمْ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا تَزَوَّجَهَا إلَّا وَهِيَ حُرَّةٌ بِصَدَاقٍ صَحِيحٍ، قَدْ حَصَلَتْ عَلَيْهِ وَآتَاهَا إيَّاهُ، كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ عِتْقُهَا التَّامُّ قَبْلَ الزَّوَاجِ إنْ تَزَوَّجَتْهُ. وَلَا يَخْلُو الْمُكَاتَبُ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ لَا خَامِسَ لَهَا: إمَّا أَنْ يَكُونَ حُرًّا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ كَمَا ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا - أَوْ يَكُونَ عَبْدًا كَمَا يَقُولُونَ أَوْ يَكُونَ عَبْدًا مَا لَمْ يُؤَدِّ فَإِذَا أَدَّى شَرَعَ فِيهِ الْعِتْقُ فَكَانَ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مَمْلُوكًا - كَمَا نَقُولُ نَحْنُ - أَوْ يَكُونَ لَا حُرًّا وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعْضُهُ حُرٌّ، وَلَا بَعْضُهُ عَبْدٌ، وَهَذَا مُحَالٌ لَا يُعْقَلُ.
فَإِذْ هُوَ عِنْدَهُمْ عَبْدٌ فَبَيْعُ الْعَبْدِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ حَلَالٌ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ، وَلَا نَصَّ هَاهُنَا مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، بَلْ قَدْ جَاءَ النَّصُّ الصَّحِيحُ، وَالْإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا.
كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا قُتَيْبَةُ نا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ «أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِي إلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا فَأَبَوْا وَقَالُوا: إنْ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست