responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 223
فَقُلْنَا: فَكَانَ مَاذَا؟ وَلَا وَجَدْتُمْ قَطُّ فِي الْأُصُولِ أَنْ يُجْبَرَ أَحَدٌ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ بَيْعِ أَمَتِهِ، وَتَخْرُجُ حُرَّةً مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ مَاتَ، وَقَدْ قُلْتُمْ بِذَلِكَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ.
وَلَا وَجَدْتُمْ قَطُّ صَوْمَ شَهْرٍ مُفْرَدٍ إلَّا رَمَضَانَ، فَأَبْطَلُوا صَوْمَهُ بِذَلِكَ؟ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ قَالَ: لَا آخُذُ بِشَرِيعَةٍ - حَتَّى أَجِدَ لَهَا نَظِيرًا، وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: لَا آخُذُ بِهَا حَتَّى أَجِدَ لَهَا نَظِيرَيْنِ.
وَقَدْ وَجَدْنَا: الْمُفْلِسَ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ فِي أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ. وَوَجَدْنَا: الشَّفِيعَ يُجْبِرُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَصْيِيرِ مِلْكِهِ إلَيْهِ. وَقَالُوا: لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَى السَّيِّدِ إذَا طَلَبَهُ الْعَبْدُ لَوَجَبَ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَى الْعَبْدِ إذَا طَلَبَهُ السَّيِّدُ - وَهَذَا أَسْخَفُ مَا أَتَوْا بِهِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ جَاءَ بِذَلِكَ إذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا إذَا طَلَبَهَا السَّيِّدُ، فَإِنْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ قِيَاسًا صَحِيحًا فَلْيَقُولُوا: إنَّهُ لَمَّا كَانَ الزَّوْجُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَكَذَلِكَ أَيْضًا لِلْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَتْ طَلَاقَهُ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَهُ. وَلَمَّا كَانَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ وَإِنْ كَرِهَ الْمُشْتَرِي - كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا إلْزَامُهُ إيَّاهُ - وَإِنْ كَرِهَ الشَّفِيعُ. وَهَذِهِ وَسَاوِسُ سَخِرَ الشَّيْطَانُ بِهِمْ فِيهَا، وَشَوَاذُّ سَبَّبَ لَهُمْ مِثْلَ هَذِهِ الْمَضَاحِكِ فِي الدِّينِ، فَاتَّبَعُوهُ عَلَيْهَا، وَلَا نَدْرِي بِأَيِّ نَصٍّ أَمْ بِأَيِّ عَقْلٍ وَجَبَ هَذَا الَّذِي يَهْذِرُونَ بِهِ؟ وَقَالُوا: كَانَ الْأَصْلُ أَنْ لَا تَجُوزَ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ غَرَرٍ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَسَبِيلُهُ إذْ جَاءَ بِهِ نَصٌّ - أَنْ يَكُونَ نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ إطْلَاقٌ مِنْ حَظْرٍ؟ فَقُلْنَا: كَذَبْتُمْ بَلْ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ حَتَّى يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَإِذَا أَمَرَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا، يَعْصِي مَنْ أَبَى قَبُولَهُ، هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ الْعُقُولُ فِيهِ، وَمَا جَاءَ قَطُّ نَصٌّ وَلَا مَعْقُولٌ بِأَنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ التَّحْرِيمِ لَا يَكُونُ إلَّا نَدْبًا، بَلْ قَدْ كَانَتْ الصَّلَاةُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَرْضًا، وَإِلَى الْكَعْبَةِ مَحْظُورَةً مُحَرَّمَةً، ثُمَّ جَاءَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ بَعْدَ الْحَظْرِ، فَكَانَ فَرْضًا.
وَقَالُوا: لَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ إذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ فَرْضًا لَوَجَبَ أَنْ يُجْبَرَ السَّيِّدُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَرَادَهَا الْعَبْدُ بِدِرْهَمٍ. وَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ قَطُّ بِإِجَابَةِ الْعَبْدِ إلَى مَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 223
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست