responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 217
جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَلَا حُرَّةَ فَتَطْلُقُ، وَحُرَّةٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهَا وَوَطْئِهَا، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا قُلْتُمُوهُ بِآرَائِكُمْ فَجَوَّزْتُمُوهُ، فَلَمَّا وَجَدْتُمُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْكَرْتُمُوهُ، أَلَا هَذَا هُوَ الْهَوَسُ الْمُهْلِكُ فِي الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ؟
وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا فَهُوَ كَمَا قُلْنَا فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ بَعْضُهَا، فَحُكْمُهُ كَحُكْمِهَا، وَصَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا لَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا إلَّا بِأَنْ تَكُونَ فِي حِينِ أَوَّلِ حَمْلِهَا فِي مِلْكِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمَلُّكُ وَلَدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ، ثُمَّ مَلَكَهَا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْوَلَدُ حَيًّا، فَإِنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَأَمَّا لَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا مَنْ نُفِخَ الرُّوحُ فِيهِ، فَصَارَ غَيْرَهَا، فَلَمْ يَكُنْ بَعْضَهَا حُرًّا قَطُّ، فَلَا حُرِّيَّةَ لَهَا، وَلَهُ بَيْعُهَا، فَلَوْ بَاعَهَا وَاَلَّذِي فِي رَحِمِهَا نُطْفَةٌ بَعْدُ فَإِنَّهُ إنْ خَرَجَتْ عَنْ رَحِمِهَا - وَهِيَ نُطْفَةٌ بَعْدُ - فَهُوَ بَيْعٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهَا نُطْفَةٌ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ، فَإِنْ صَارَتْ مُضْغَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا وَبَعْضُهَا مُضْغَةٌ مُخَلَّقَةٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، فَهِيَ مِنْ أَوَّلِ وُقُوعِهَا إلَى خُرُوجِهَا وَلَدٌ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة عِتْق الْجَنِينُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ]
1685 - مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ أَنَّ حُرًّا تَزَوَّجَ أَمَةً لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَعَتَقَ الْجَنِينُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ لَمْ يَرِث أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعِتْقَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، وَكَانَ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ مَمْلُوكًا لَا يَرِثُ، فَلَوْ مَاتَ لَهُ بَعْدَ أَنْ عَتَقَ مَنْ يَرِثُهُ بِرَحِمٍ أَوْ وَلَاءٍ وَرِثَهُ إنْ خَرَجَ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ حُرًّا.
فَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ حَامِلًا فَأَسْلَمَتْ بَعْدَهُ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ أَوْ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ: فَهُوَ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ، وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ لَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ الَّذِي يَرِثُ بِهِ وَيُورَثُ لَهُ أَوْ لَا يَرِثُ بِهِ وَلَا يُورَثُ بِهِ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، فَخَرَجَ إلَى الدُّنْيَا مُسْلِمًا عَلَى غَيْرِ دِينِ أَبِيهِ، وَعَلَى غَيْرِ حُكْمِ الدِّينِ الَّذِي لَوْ تَمَادَى عَلَيْهِ لَوَرِثَ أَبَاهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَتَهُ حَامِلًا قَدْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ فَتَمَلَّكَهَا نَصْرَانِيٌّ آخَرُ فَاسْتَرَقَّهَا فَوَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَرِثْ أَبَاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الدُّنْيَا إلَّا مَمْلُوكًا لَا يَرِثُ - وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْجَنِينُ الْمِيرَاثَ بِبَقَائِهِ حُرًّا عَلَى دِينِ مَوْرُوثِهِ مِنْ حِينِ يَمُوتُ الْمَوْرُوثُ إلَى أَنْ يُولَدَ حَيًّا.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ امْرَأً تَرَكَ أُمَّ وَلَدِهِ حَامِلًا فَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَهُ ثُمَّ أُعْتِقَ الْجَنِينُ بِعِتْقِهَا،

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست