responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 209
هَذَانِ لَا شَيْءَ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْأَعْلَى بْنَ أَبِي الْمُسَاوِرِ ضَعِيفٌ جِدًّا - وَالْآخَرَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ الْقَاسِمَ لَا يَحْفَظُ أَبُوهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ شَيْئًا فَكَيْفَ هُوَ. وَقَالُوا: قَدْ صَحَّ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا بِيعَ فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَعِتْقُهُ كَذَلِكَ، وَهَذَا قِيَاسٌ، وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا، لِأَنَّ الْبَيْعَ نَقْلُ مِلْكٍ فَلَا يُشْبِهُ الْعِتْقَ الَّذِي هُوَ إسْقَاطُ الْمِلْكِ جُمْلَةً، وَالْقِيَاسُ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يُشْبِهُهُ لَا عَلَى مَا لَا يُشْبِهُهُ. وَقَالُوا: مَالُ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ. فَقُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ مَا هُوَ لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ، إلَّا أَنْ يَنْتَزِعَهُ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْحُجَّةَ فِي أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: فِي الْإِمَاءِ {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 25] فَدَخَلَ فِي هَذَا الْخِطَابِ: الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ. وقَوْله تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32] . فَصَحَّ أَنَّ صَدَاقَ الْأَمَةِ لَهَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَدْفَعُهُ إلَيْهَا. وَصَحَّ أَنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ بِإِيتَاءِ الصَّدَاقِ، فَلَوْلَا أَنَّهُ يَمْلِكُ مَا كُلِّفَ ذَلِكَ، وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِصَدَاقٍ، إنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْعَقْدِ فَبَعْدَ الْعَقْدِ، وَوَعَدَهُمْ اللَّهُ بِالْغِنَى فَهُمْ كَسَائِرِ النَّاسِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَإِذْ مَالُهُ لَهُ فَهُوَ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ. ثُمَّ وَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ نا ابْنُ وَهْبٍ نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُ الْعَبْدِ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ» . فَهَذَا إسْنَادٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قِيلَ: إنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ أَخْطَأَ فِيهِ؟ قُلْنَا: إنَّمَا أَخْطَأَ مَنْ ادَّعَى الْخَطَأَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بِلَا بُرْهَانٍ وَلَا دَلِيلٍ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست