responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 14
الدِّينِ، حَتَّى بَيَّنَهَا لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا لَمْ تَعْرِفْهُ الْعَرَبُ قَطُّ: مِنْ صِفَةِ الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَالْقِرَاءَةِ، وَمَا يُعْطَى مِنْ الْأَمْوَالِ، وَمَا يُمْتَنَعُ مِنْهُ فِي رَمَضَانَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ " الشُّفْعَةُ " مِنْ هَذَا الْبَابِ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَا الْمُرَادُ بِهَا حَتَّى بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُتَعَدَّى بِهَا بَيَانُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ.
فَإِنْ قَالُوا: قِسْنَا الصَّدَاقَ، وَالْإِجَارَةَ عَلَى الْبَيْعِ؟ قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ كُلَّهُ بَاطِلٌ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ، وَالْإِجَارَةَ لَا يُشْبِهَانِ الْبَيْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ، وَإِنَّمَا الْقِيَاسُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ أَنْ يُحْكَمَ لِلشَّيْءِ بِحُكْمِ نَظِيرِهِ، وَالْبَيْعُ تَمْلِيكٌ لِلْمَبِيعِ، وَلَيْسَتْ الْإِجَارَةُ تَمْلِيكًا لِلْمُؤَاجِرِ، إنَّمَا هِيَ إبَاحَةٌ لِلْمَنَافِعِ الْحَادِثَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا الصَّدَاقُ تَمْلِيكًا لِلرَّقَبَةِ، وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا لَمْ يُخْلَقْ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَالنِّكَاحُ يَجُوزُ بِلَا ذِكْرِ صَدَاقٍ، وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ ذِكْرِ ثَمَنٍ.
ثُمَّ اخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ أَبِصَدَاقِ مِثْلِهَا أَمْ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ؟ بَيَانُ أَنَّهُ رَأْيٌ فَاسِدٌ مُتَعَارِضٌ لَيْسَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ.
وَلَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ كَانُوا عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ فِي أَنْ يَقِيسُوا عَلَى الْأَرْضِينَ فِي " الشُّفْعَةِ " سَائِرَ الْأَمْوَالِ؟ وَهَذَا أَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ يَوْمًا.
فَإِنْ ذَكَرُوا الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ ابْتَاعَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَصَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْلَى» فَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ عَمَّنْ لَمْ يُسَمَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي مَنْعِهِمْ مِنْ الشُّفْعَةِ فِيمَا عَدَا الْعَقَارِ.

[مَسْأَلَة لَمْ يعرض عَلَى شَرِيكه الْأَخذ قَبْل الْبَيْع حَتَّى بَاعَ]
1597 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ لَمْ يَعْرِضْ عَلَى شَرِيكِهِ الْأَخْذَ قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى بَاعَ فَوَجَبَتْ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ، فَالشَّرِيكُ عَلَى شُفْعَتِهِ عَلِمَ بِالْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، حَضَرَهُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ، أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ حَتَّى يَأْخُذَ مَتَى شَاءَ، وَلَوْ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ يَلْفِظُ بِالتَّرْكِ فَيَسْقُطُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِعَرْضِ غَيْرِ شَرِيكِهِ أَوْ رَسُولِهِ عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفَ الْحَاضِرُونَ فِي هَذَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَتَى عَلِمَ بِالْبَيْعِ، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست