responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 119
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: خَبَرُ لَعْنِهِ الرَّاشِي إنَّمَا رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ - وَأَيْضًا - فَإِنَّ الْمُعْطِيَ فِي ضَرُورَةِ دَفْعِ الظُّلْمِ لَيْسَ رَاشِيًا. وَأَمَّا الْخَبَرُ فِي الْمُقَاتَلَةِ فَهَكَذَا نَقُولُ: مَنْ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ إعْطَاءُ فَلْسٍ فَمَا فَوْقَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ عَجَزَ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] . وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» فَسَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْمُقَاتَلَةِ وَالدِّفَاعِ، وَصَارَ فِي حَدِّ الْإِكْرَاهِ عَلَى مَا أَعْطَى فِي ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ» وَهَذَا عُمُومٌ لِكُلِّ عَانٍ عِنْدَ كُلِّ كَافِرٍ أَوْ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَعْمَرٍ قَالَ: مَعْمَرٌ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ، قَالَا جَمِيعًا: مَا أَعْطَيْت مُصَانَعَةً عَلَى مَالِك وَدَمِك، فَإِنَّك فِيهِ مَأْجُورٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1639 - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا مَنْ نَصَرَ آخَرَ فِي حَقٍّ، أَوْ دَفَعَ عَنْهُ ظُلْمًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ عَطَاءً، فَأَهْدَى إلَيْهِ مُكَافَأَةً، فَهَذَا حَسَنٌ لَا نَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ، وَهَدِيَّةٌ بِطِيبِ نَفْسٍ، وَمَا نَعْلَمُ قُرْآنًا وَلَا سُنَّةً فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ - وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ الْمَنْعَ مِنْ هَذَا، وَلَا نَعْلَمُ بُرْهَانًا يَمْنَعُ مِنْهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست