responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 108
مِنْ الْمُشَاعِ لِغَنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ نَحَلَهَا جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ.
وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ -: إمَّا أَنْ يَكُونَ نَحَلَهَا مِنْ تِلْكَ النَّخْلِ مَا تَجِدُّ مِنْهَا عِشْرِينَ وَسْقًا، أَوْ نَحَلَهَا عِشْرِينَ وَسْقًا مَجْدُودَةً، فَهِيَ إمَّا عِدَةٌ بِأَنْ يَنْحَلَهَا ذَلِكَ - وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ؛ وَإِمَّا أَنَّهُ نَحَلَهَا وَأَمْضَى لَهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ، وَهُوَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَالْعَدَدِ وَالْعَيْنِ فِي مُشَاعٍ، فَرَأَيَاهُ مَعًا بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ جَائِزًا وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْهُمْ، وَلَمْ يُبْطِلْهُ أَبُو بَكْرٍ لِذَلِكَ.
فَكَذَبُوا فِي قَوْلِهِمْ صُرَاحًا، وَإِنَّمَا أَبْطَلَهُ أَبُو بَكْرٍ بِنَصِّ قَوْلِهِ " لِأَنَّهَا لَمْ تَحُزْهُ " فَقَطْ، وَلَوْ جَدَدْته وَحَازَتْهُ لَكَانَ نَافِذًا، فَعَادَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ» .
فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَعُدْنَا إلَى قَوْلِنَا فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَضَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَفِعْلِ الْخَيْرِ، وَالْفَضْلِ، وَكَانَتْ الْهِبَةُ فِعْلَ خَيْرٍ، وَقَدْ عَلِمَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ فِي أَمْوَالِ الْمَحْضُوضِينَ عَلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مُشَاعًا وَغَيْرَ مُشَاعٍ، فَلَوْ كَانَ تَعَالَى لَمْ يُبِحْ لَهُمْ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ فِي الْمُشَاعِ لَبَيَّنَهُ لَهُمْ، وَلَمَا كَتَمَهُ عَنْهُمْ، وَمَنْ حَرَّمَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ أَوْجَبَ مَا لَمْ يَنُصَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَإِيجَابِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورِ بِالتَّبْلِيغِ، وَالْبَيَانِ -: فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَافْتَرَى عَلَيْهِ، وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا.
فَصَحَّ يَقِينًا: أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ وَالصَّدَقَةَ بِهِ، وَإِجَارَتَهُ وَرَهْنَهُ -: جَائِزٌ كُلُّ ذَلِكَ - فِيمَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ - لِلشَّرِيكِ وَلِغَيْرِهِ، وَلِلْغَنِيِّ وَلِلْفَقِيرِ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] .
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ نا شَرِيكٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ " قَالَ: «أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكُبَّةِ شَعْرٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَبْهَا لِي، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ نُعَالِجُ الشَّعْرَ. فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: نَصِيبِي مِنْهَا لَكَ» وَهُمْ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست