responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 102
صِغَرَ النُّعْمَانِ أَشْهَرُ مِنْ الشَّمْسِ، وَأَنَّهُ وُلِدَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي حَيَّانَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ، " وَأَنَا يَوْمِئِذٍ غُلَامٌ " وَلَا تُطْلَقُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَلَى رَجُلٍ بَالِغٍ أَصْلًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَكُنْ النُّحْلُ تَمَّ إنَّمَا كَانَ اسْتِشَارَةً وَمَوَّهُوا بِرِوَايَةِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ بِهَذَا الْخَبَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ فِيهِ «عَنْ النُّعْمَانِ، نَحَلَنِي أَبِي غُلَامًا ثُمَّ جَاءَ بِي إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا فَإِنْ أَذِنْتَ لِي أَنْ أُجِيزَهُ أَجَزْتُهُ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْلَا عَمَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ وَضَلَالِهِمْ مَا تَمَكَّنَ الْهَوَى مِنْهُمْ هَذَا التَّمَكُّنُ، هُمْ يَسْمَعُونَ فِي أَوَّلِ الْخَبَرِ " نَحَلَنِي أَبِي غُلَامًا " وَفِي وَسَطِهِ " يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحَلْت ابْنِي هَذَا غُلَامًا " وَيَقُولُونَ: لَمْ يَتِمَّ النُّحْلُ.
وَقَوْلُ بَشِيرٍ " فَإِنْ أَذِنْت لِي أَنْ أُجِيزَهُ أَجَزْته " قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَقَوْلُ مُؤْمِنٍ لَا يَعْمَلُ إلَّا مَا أَبَاحَهُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ظَاهِرِهِ بِلَا تَأْوِيلٍ، نَعَمْ، إنْ أَجَازَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَهُ بَشِيرٌ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَدَّهُ بَشِيرٌ وَلَمْ يُجِزْهُ كَمَا فَعَلَ.
وَذَكَرُوا أَيْضًا - رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ لِهَذَا الْخَبَرِ عَنْ الشَّعْبِيِّ «عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا ثُمَّ أَتَى بِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ: أَكُلُّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمْ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ» قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ، فَقَالَ: إنَّمَا حَدَّثَنَا أَنَّهُ قَالَ: «قَارِبُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ» .
قَالَ عَلِيٌّ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ أَعْظَمُ حُجَّةٍ عَلَيْهِمْ لِمَا ذَكَرْنَا لِمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَشْهَدُ عَلَى بَاطِلٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ، إذْ لَمْ يَسْتَجِزْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ - وَهَكَذَا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ لِهَذَا الْخَبَرِ، وَفِيهِ «لَا أَشْهَدُ» . وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ: قَارِبُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ، فَمُنْقَطِعٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْمُقَارَبَةِ وَنَهَى عَنْ خِلَافِهَا، وَهُمْ يُجِيزُونَ خِلَافَ الْمُقَارَبَةِ، وَلَا يُوجِبُونَ الْمُقَارَبَةَ، فَمَنْ أَضَلُّ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَحْرُومِينَ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 102
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست