responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 8
يَقُولُ: لَا يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ حِينَ يَزْنِي، فَإِذَا زَايَلَهُ رَجَعَ إلَيْهِ الْإِيمَانُ لَيْسَ إذَا تَابَ مِنْهُ، وَلَكِنْ إذَا أَخَّرَ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ - قَالَ: وَحَسِبْته أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ زَالَ عَنْهُ الْإِيمَانُ، يُقَالُ: الْإِيمَانُ كَالظِّلِّ.
وَذَكَرَ أَيْضًا مَعْمَرٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَعَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هَذَا نَهْيٌ، يَقُولُ: حِينَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَفْعَلَنَّ - يَعْنِي: لَا يَسْرِقُ، وَلَا يَزْنِي، وَلَا يَغُلُّ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذِهِ التَّفَاسِيرُ كُلُّهَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا مُزَايَلَةُ الْإِيمَانِ لِلْفَاعِلِ حِينَ الْفِعْلِ، ثُمَّ رُجُوعُهُ فِي بَعْضِهَا إلَيْهِ إذَا تَابَ، وَإِذَا تَرَكَ.
وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ بَيَانُ مَا هُوَ الْإِيمَانُ الزَّائِلُ حِينَ هَذِهِ الْمَعَاصِي؟ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ الْحَقُّ الْوَاضِحُ، الَّذِي لَا حَقِيقَةَ فِي غَيْرِهِ، وَأَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ حِينَ فِعْلِهِ إيَّاهُ مُؤْمِنًا، فَإِنَّ الْإِيمَانَ قَدْ فَارَقَهُ بِلَا شَكٍّ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هَذَا الْإِيمَانُ الَّذِي يَزُولُ عَنْهُ فِي حِينِ ذَلِكَ الْفِعْلِ؟ لِنَعْلَمَ مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ ذَلِكَ الْفَاعِلِ - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُ: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا النَّاسَ فِي تَفْسِيرِ لَفْظَةِ " الْإِيمَانِ " قَدْ افْتَرَقُوا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: فَقَالَ أَهْلُ الْحَقِّ: الْإِيمَانُ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ -: أَحَدُهَا: الْعَقْدُ بِالْقَلْبِ - وَالْآخَرُ: النُّطْقُ بِاللِّسَانِ - وَالثَّالِثُ: عَمَلٌ بِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ - فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا - وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ - مُخْطِئَةٌ -: إنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى مَعْنَيَيْنِ، وَهُمَا: الْعَقْدُ بِالْقَلْبِ، وَالنُّطْقُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الطَّاعَاتِ، وَاجْتِنَابَ الْمُحَرَّمَاتِ: إنَّمَا هِيَ شَرَائِعُ الْإِيمَانِ، وَلَيْسَتْ إيمَانًا، وَهَذِهِ مَقَالَةٌ - وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً - فَصَاحِبُهَا لَا يُكَفَّرُ.
وَقَالَتْ طَائِفَتَانِ قَوْلَيْنِ خَرَجَا بِهِمَا إلَى الْكُفْرِ صُرَاحًا:
أَحَدُهُمَا: جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَمَنْ قَلَّدَهُ وَائْتَمَّ بِهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْإِيمَانُ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست