responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 442
وَلَا قَتَلَهَا، وَحَدِيثُ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ إذْ سَحَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَقْتُلْهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا أَصْلًا، وَكُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - أَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا قَوْلُ الْيَهُودِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السَّامُ عَلَيْكَ» فَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ السَّامَ إنَّمَا هُوَ الْمَوْتُ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ نا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ " أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ: شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ إلَّا السَّامَ؟» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَالسَّامُ الْمَوْتُ، فَمَعْنَى السَّامُ عَلَيْك: الْمَوْتُ عَلَيْك، وَهَذَا كَلَامٌ حَقٌّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ جَفَاءٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] . وَقَالَ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْجَفَاءِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْكُفْرُ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَبِكُفْرِهِ يَحِلُّ دَمُهُ، وَالذِّمِّيُّ كَافِرٌ، وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لِجَفَائِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَكُونُ كَافِرًا بِجَفَائِهِ، بَلْ كَانَ كَافِرًا، وَهُوَ كَافِرٌ، وَلَا يَحِلُّ دَمُهُ بِكُفْرِهِ، إذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ، لَكِنْ بِمَعْنًى آخَرَ غَيْرَ الْكُفْرِ.
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ الزُّرَقِيِّ الْيَهُودِيِّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي سَمِّ الْيَهُودِيَّةِ لِطَعَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فَرْقَ، إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ الْكُفْرُ لِمَنْ فَعَلَهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالذِّمِّيُّونَ كُفَّارٌ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَعَهُ، وَلَيْسَ بِنَفْسِ كُفْرِهِمْ حَلَّتْ دِمَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ إذَا تَذَمَّمُوا، فَالْمُسْلِمُ يُقْتَلُ بِكُفْرِهِ إذَا أَحْدَثَ كُفْرًا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَالذِّمِّيُّ لَا يُقْتَلُ، وَإِنْ أَحْدَثَ فِي كُلِّ حِينٍ كُفْرًا حَادِثًا غَيْرَ كُفْرِهِ بِالْأَمْسِ، إذَا كَانَ مِنْ نَوْعِ الْكُفْرِ الَّذِي تَذَمَّمَ عَلَيْهِ - فَنَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَجَبَ بِهِ الْقَتْلُ عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَوْ اسْتَخَفَّ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ - فَوَجَدْنَاهُ إنَّمَا هُوَ نَقْضُهُ الذِّمَّةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَذَمَّمَ، وَحَقَنَ دَمَهُ بِالْجِزْيَةِ عَلَى الصِّغَارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 29] الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 442
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست