responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 418
الشَّيَاطِينِ، مِنْ هَذَا التَّفْرِيقِ الَّذِي أَمْضَوْهُ، وَأَجَازُوهُ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَشِبْهِهِ.
وَقَدْ نَجِدُ النَّمَّامَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا السَّاحِرَ بِذَلِكَ؟ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا النَّصِّ جُمْلَةً.
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [البقرة: 102] إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا ضَرَّ الْمَرْءُ يَكُونُ بِهِ كَافِرًا، بَلْ يَكُونُ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى، لَا كَافِرًا وَلَا حَلَالَ الدَّمِ.
ثُمَّ صِرْنَا إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: 102] إلَى قَوْله تَعَالَى: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102] فَوَجَدْنَاهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي تَكْفِيرِ السَّاحِرِ، وَلَا فِي إبَاحَةِ دَمِهِ أَصْلًا، لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ قَدْ تَكُونُ فِي مُسْلِمٍ بِإِجْمَاعِهِمْ مَعَنَا: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ نا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ نا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخَرِ؟» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ لَيْسَ كُفْرًا، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُ لَابِسِهِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
فَنَظَرْنَا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَا مِنْ السُّنَنِ الصِّحَاحِ، وَلَا فِي السُّنَنِ الْوَاهِيَةِ، وَلَا فِي إجْمَاعٍ، وَلَا فِي قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا فِي قِيَاسٍ، وَلَا نَظَرٍ، وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ يَصِحُّ، بَلْ كُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ مُبْطِلَةٌ لِقَوْلِهِمْ.
فَلَمَّا بَطَلَ قَوْلُ مَنْ رَأَى أَنْ يَقْتُلَ السَّاحِرَ جُمْلَةً، وَقَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ بِالْجُمْلَةِ: وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ: فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] .
وَقَالَ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] إلَى قَوْلِهِ: {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست