responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 404
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السَّحْقِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُجْلَدُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِائَةً - كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثني ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ عُلَمَاءَنَا يَقُولُونَ فِي الْمَرْأَةِ تَأْتِي الْمَرْأَةَ بِ " الرِّفْعَةِ " وَأَشْبَاهَهَا يُجْلَدَانِ مِائَةً - الْفَاعِلَةُ وَالْمَفْعُولُ بِهَا.
وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
وَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ - كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مَنْ أَصْدُقُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْمَرْأَةِ تُدْخِلُ شَيْئًا، تُرِيدُ السِّتْرَ تَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ الزِّنَى.
وَقَالَ آخَرُونَ - هُوَ حَرَامٌ وَلَا حَدَّ فِيهِ، وَفِيهِ التَّعْزِيرُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا - كَمَا ذَكَرْنَا - وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ: فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ الزُّهْرِيِّ فَلَمْ نَجِدْ لَهُ حُجَّةً أَصْلًا، إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: كَمَا جَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ أَشَدُّ الزِّنَى، فَجَعَلُوا فِيهِ أَعْظَمَ حَدٍّ فِي الزِّنَى، فَكَذَلِكَ هَذَا أَقَلُّ الزِّنَى، فَجَعَلَ فِيهِ أَخَفَّ حَدِّ الزِّنَى؟ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا قِيَاسٌ لَازِمٌ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ جَعَلَ الرَّجْمَ فِي فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ، لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَى، وَلَا مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنْ هَذَا أَصْلًا، وَأَنْ يَجْعَلُوا " السَّحْقَ " أَيْضًا أَشَدَّ الزِّنَى، كَفِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ، فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا فِيهِ الرَّجْمَ، كَمَا جَعَلُوا فِي فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ وَلَا بُدَّ، لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ عُدُولٌ بِالْفَرْجِ إلَى مَا لَا يَحِلُّ أَبَدًا.
وَلَكِنَّ الْقَوْمَ لَا يُحْسِنُونَ الْقِيَاسَ، وَلَا يَعْرِفُونَ الِاسْتِدْلَالَ، وَلَا يَطْرُدُونَ أَقْوَالَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُونَ تَعْلِيلَهُمْ، وَلَا يَتَعَلَّقُونَ بِالنُّصُوصِ، وَهَلَّا قَالُوا هَاهُنَا: إنَّ الزُّهْرِيَّ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ وَكِبَارَ التَّابِعِينَ؟ فَلَا يَقُولُ هَذَا إلَّا عَنْهُمْ، وَلَا نَعْرِفُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ مِمَّنْ يَرَى تَحْرِيمَ هَذَا الْعَمَلِ، فَيَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ لَوْ وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّ الْقِيَاسَ بَاطِلٌ عِنْدَنَا، وَلَا يَلْزَمُ اتِّبَاعُ قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَالسَّحْقُ " " وَالرِّفْعَةُ " لَيْسَا زِنًى، فَإِذْ لَيْسَا زِنًى فَلَيْسَ فِيهِمَا حَدُّ الزِّنَى، وَلَا لِأَحَدٍ أَنْ يُقَسِّمَ بِرَأْيِهِ - أَعْلَى وَأَخَفَّ - فَيُقْسِمَ الْحُدُودَ فِي ذَلِكَ كَمَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 404
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست