responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 400
يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَازِمًا لِلْحَنَفِيَّيْنِ، وَالْمَالِكِيِّينَ الْقَوْلَ بِهَا عَلَى أُصُولِهِمْ، فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِأَسْقَطَ مِنْهَا فِي إيجَابِ حَدِّ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ فِي مَوَاضِعَ جَمَّةٍ.
ثُمَّ نَظَّرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَلَيْهِ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ - فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُ أَصْلًا، وَلَا نَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا - فَسَقَطَ.
ثُمَّ نَظَّرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: " يُحَدُّ وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ " فَوَجَدْنَاهُ فِي غَايَة الْفَسَادِ.
ثُمَّ نَظَّرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: " عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ بِرَأْيِ الْإِمَامِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ " فَوَجَدْنَاهُ خَطَأً، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ زَمَّ الْأُمُورَ وَلَمْ يُهْمِلْهَا، وَلَمْ يُطْلِقْ الْأَئِمَّةُ عَلَى دِمَاءِ النَّاسِ، وَلَا أَعْرَاضِهِمْ، وَلَا أَبْشَارِهِمْ، وَلَا أَمْوَالِهِمْ، بَلْ قَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِمْ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
وَلَعَلَّ رَأْيَ الْإِمَامِ يَبْلُغُ إلَى خِصَائِهِ، أَوْ إلَى أَخْذِ مَالِهِ، أَوْ إلَى قَتْلِهِ، أَوْ إلَى بَيْعِهِ، فَإِنْ مُنِعُوا مِنْ هَذَا، سُئِلُوا الْفَرْقَ بَيْنَ مَا مُنِعُوا مِنْ هَذَا وَبَيْنَ مَا أَبَاحُوا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ؟ وَلَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَيْهِ، فَحَصَلَ هَذَا الْقَوْلُ لَا حُجَّةَ لِقَائِلِهِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْقَوْلِ الَّذِي لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ - وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ فَقَطْ - فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى مُنْكَرًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 6] إلَى قَوْله تَعَالَى {الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ تُؤْتَى الْبَهِيمَةُ أَصْلًا، فَفَاعِلُ ذَلِكَ فَاعِلُ مُنْكَرٍ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ، فَعَلَيْهِ مِنْ التَّعْزِيرِ مَا نَذْكُرُهُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَة فِيمَنْ قَذَفَ آخَرَ بِبَهِيمَةٍ أَوْ بِفِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ]
2305 - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَذَفَ آخَرَ بِبَهِيمَةٍ، أَوْ بِفِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ.
كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: مَنْ قَذَفَ آخَرَ بِبَهِيمَةٍ جُلِدَ حَدَّ الْفِرْيَةِ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست