responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 39
[مَسْأَلَةٌ الِامْتِحَانُ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا بِالضَّرْبِ أَوْ السِّجْنِ أَوْ التَّهْدِيدِ]
ِ؟ قَالَ عَلِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَحِلُّ الِامْتِحَانُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ بِضَرْبٍ، وَلَا بِسَجْنٍ، وَلَا بِتَهْدِيدٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَحِلُّ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الدِّينِ، إلَّا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ النُّصُوصِ بَلْ قَدْ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
فَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَشَرَ، وَالْعِرْضَ، فَلَا يَحِلُّ ضَرْبُ مُسْلِمٍ، وَلَا سَبُّهُ إلَّا بِحَقٍّ أَوْجَبَهُ الْقُرْآنُ، أَوْ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ.
وَقَالَ تَعَالَى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]
فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ مُسْلِمًا مِنْ الْمَشْيِ فِي الْأَرْضِ بِالسَّجْنِ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْجَبَهُ قُرْآنٌ أَوْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ.
وَأَمَّا مَنْ صَحَّ قِبَلَهُ حَقٌّ وَلَوَاهُ وَمَنَعَهُ، فَهُوَ ظَالِمٌ قَدْ تُيُقِّنَ ظُلْمُهُ، فَوَاجِبٌ ضَرْبُهُ أَبَدًا حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا عَلَيْهِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ إنْ اسْتَطَاعَ» وَلِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِجَلْدِ عَشْرَةٍ فَأَقَلَّ فِيمَا دُونَ الْحَدِّ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي " بَابِ التَّعْزِيرِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَا صَحَّ أَنَّهُ عِنْدَهُ أَوْ يُعْلَمُ مَكَانُهُ، لِمَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَّا مَنْ كُلِّفَ إقْرَارًا عَلَى غَيْرِهِ فَقَطْ - وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ الْجَانِيَ - فَلَا يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ، وَمَنْ كَتَمَ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهُ فَاسِقٌ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] .
فَإِذْ هُوَ فَاسِقٌ آثِمٌ، فَلَا يَنْتَفِعُ بِقَوْلِهِ، لَا يَحِلُّ قَبُولُ شَهَادَتِهِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ مُجَرَّحٌ بِذَلِكَ أَبَدًا مَا لَمْ يَتُبْ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يُهَدَّدَ أَحَدٌ، وَلَا أَنْ يُرَوَّعَ بِأَنْ يُبْعَثَ إلَى ظَالِمٍ يَعْتَدِي عَلَيْهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ كُلَّ هَذَا حَرَامٌ فِي الذِّمِّيِّ كَمَا هُوَ فِي الْمُسْلِمِ، فَإِنْ ضُرِبَ حَتَّى أَقَرَّ، فَقَدْ جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ فِي هَذَا: مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست