responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 386
أَجَابَهُ إلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ فَيُصَلِّيَ، ثُمَّ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ فَيُزَكِّيَ، ثُمَّ يُطْلِقُهُ - هَذَا مَا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى دَفْعِهِ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ: فَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمَنْعُ مِنْ قَتْلِ الْوُلَاةِ مَا صَلُّوا وَلَسْنَا مَعَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ مَعَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَتْلِ صَبْرًا وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ جَازَ قَتْلُهُ إذَا قُدِرَ عَلَيْهِ قُتِلَ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] إلَى قَوْله تَعَالَى: {الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9] فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْبُغَاةِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ إلَى أَنْ يَفِيئُوا، ثُمَّ حَرَّمَ قَتْلَهُمْ إذَا فَاءُوا.
وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا مِنْ أَيِّ حَقٍّ كَانَ - وَلَوْ أَنَّهُ فِلْسٌ - وَجَبَ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِآدَمِيٍّ، وَامْتَنَعَ دُونَ أَدَائِهِ فَإِنَّهُ قَدْ حَلَّ قِتَالُهُ؛ لِأَنَّهُ بَاغٍ عَلَى أَخِيهِ، وَبَاغٍ فِي الدِّينِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ عَمَلٍ لِلَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ وَامْتَنَعَ دُونَهُ، وَلَا فَرْقَ، فَإِذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ أُجْبِرُوا عَلَى أَدَاءِ مَا عَلَيْهِمْ بِالتَّعْزِيرِ وَالسَّجْنِ.
كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَنْ أَتَى مُنْكَرًا فَلَا يُزَالُ يُؤَدَّبُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يَمُوتَ - غَيْرَ مَقْصُودٍ إلَى قَتْلِهِ - وَحَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَتَارِكُ الصَّلَاةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، إنْ امْتَنَعَ قُوتِلَ، وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، بَلْ يُؤَدَّبُ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا أَوْ يَمُوتَ كَمَا قُلْنَا - غَيْرَ مَقْصُودٍ إلَى قَتْلِهِ - وَلَا فَرْقَ.
فَصَحَّ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ - حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَحَدِيثُ عَوْفٍ - إنَّمَا هُوَ فِي بَابِ الْقِتَالِ لِلْأَئِمَّةِ، لَا فِي بَابِ الْقَتْلِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ لَا يُصَلِّي.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " لَعَلَّهُ يُصَلِّي " فَإِنَّمَا فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ قَتْلِ مَنْ يُصَلِّي، وَلَيْسَ فِيهِ قَتْلُ مَنْ لَا يُصَلِّي أَصْلًا، بَلْ هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَإِذَا سَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ حُكْمٍ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا لَمْ يَقُلْ، فَيَكْذِبُ عَلَيْهِ، وَيُخْبِرُ عَنْ مُرَادِهِ بِمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَمَّا «نَهَيْتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» و " أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست