responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 377
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: لَا حَدَّ عَلَى الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يَسْكَرَ، فَإِنْ سَكِرَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا تَقْسِيمٌ لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ لَا يُوقِنُ أَنَّهُ يُبْقِيه حَتَّى يَصِيرَ خَمْرًا]
2298 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: جَائِزٌ بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ لَا يُوقِنُ أَنَّهُ يُبْقِيه حَتَّى يَصِيرَ خَمْرًا، فَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَجْعَلُهُ خَمْرًا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ مِنْهُ أَصْلًا وَفُسِخَ الْبَيْعُ.
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ مَنْ بَاعَ الْعِنَبَ، أَوْ التِّينَ، أَوْ الْخَمْرَ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ - وَهَذَا مُحَرَّمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَإِذْ هُوَ مُحَرَّمٌ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ؟ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَنْ كَسَرَ إنَاءَ خَمْرٍ، أَوْ شَقَّ زِقَّ خَمْرٍ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ، وَأَمْوَالُ النَّاسِ مُحَرَّمَةٌ، وَقَدْ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَحِلُّ، فَإِفْسَادُهُ إفْسَادٌ لِلْمَالِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ أَبَا طَلْحَةَ: وَجَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَسَرُوا خَوَابِيَ الْخَمْرِ؟ قُلْنَا: لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَرَفَ ذَلِكَ فَأَقَرَّهُ - وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ شَقُّ الزِّقَاقِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ طَلْقٍ، وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ نُكَيْلٍ - هُوَ مَجْهُولٌ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَنْ طَرَحَ فِي الْخَمْرِ سَمَكًا وَمِلْحًا فَجَعَلَهَا مَرْيًا؟ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، لِاسْتِعْمَالِهِ الْخَمْرَ الَّذِي لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا، وَلَا تَحِلُّ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَلَا يَحِلُّ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا الْهَرْقُ، فَإِنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ - وَلِلْخَمْرِ رِيحٌ، أَوْ طَعْمٌ، أَوْ لَوْنٌ: هَرَقَ الْجَمِيعَ.
وَهَكَذَا كُلُّ مَائِعٍ خُلِطَ فِيهِ خَمْرٌ - وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ إلَّا وَقَدْ اسْتَحَالَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ - فَلَا يَفْسُدُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ حَلَالٌ أَكْلُهُ، وَبَيْعُهُ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست