responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 364
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْت الْأَيْدِي تُقْطَعُ فِي قَرْضِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ يُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا دُونَ وَزْنٍ، فَكَانَ مَنْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ يَقْرِضُ بِالْجَلَمِ مِنْ تَدْوِيرِهَا، ثُمَّ يُعْطِيهَا عَدَدًا، وَيَسْتَفْضِلُ الَّذِي قَطَعَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا عَمَلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ - وَهُوَ صَاحِبٌ - لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَالْحَنَفِيُّونَ يَجْعَلُونَ نَزْحَهُ زَمْزَمَ مِنْ زِنْجِيٍّ وَقَعَ فِيهَا حُجَّةً وَإِجْمَاعًا لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ فِي نَصْرِ بَاطِلِهِمْ، فِي أَنَّ الْمَاءَ يُنَجِّسُهُ مَا وَقَعَ فِيهِ - وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ - وَلَيْسَ فِي خَبَرِهِمْ: أَنَّ زَمْزَم لَمْ تَكُنْ تَغَيَّرَتْ، وَلَعَلَّهَا قَدْ كَانَتْ تَغَيَّرَتْ، وَلَعَلَّ الْمَاءَ كَانَ فِيهَا قَدْرَ أَقَلَّ مِنْ قُلَّتَيْنِ كَمَا يَقُولُ الشَّافِعِيُّ.
وَكَيْفَ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ، وَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِهَذَا، وَإِسْقَاطُهُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» فَهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ حَيْثُ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَ الْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ تَنْجِيسًا مِنْ الْمَيِّتِ، وَلَا كَرَامَةً، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ - إنْ كَانَ مُؤْمِنًا - لَكِنَّهَا شَرِيعَةٌ، كَالْغُسْلِ مِنْ الْإِيلَاجِ - وَإِنْ كَانَ كِلَا الْفَرْجَيْنِ طَاهِرًا - وَكَالْغُسْلِ مِنْ الِاحْتِلَامِ.
فَإِنْ ذَكَرُوا - مَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا سَحْنُونٌ نا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ضَرَبَ رَجُلًا فِي قَطْعِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ؟ قُلْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: هَذَا لَا يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ قَبْلُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ: أَنَّهُ قَرْضُ مِقْدَارِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ، فَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعٌ.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إيجَابُ الْقَطْعِ فِي قَرْضِ الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ سَارِقٍ وَلَا مُسْتَعِيرٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي حَدِّ شَارِبِهَا]

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 364
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست