responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 359
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا كَلَامُهُمْ فِي اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهِ؛ لِأَنَّ مَعْمَرًا، وَشُعَيْبَ بْنَ أَبِي حَمْزَةَ، رَوَيَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ - وَهُمَا فِي غَايَةِ الثِّقَةِ وَالْجَلَالَةِ - وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، كُلُّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهَا كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ فَتَجْحَدُهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى - وَلَمْ يَضْطَرِبْ عَلَى مَعْمَرٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا عَلَى شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ - وَإِنْ كَانَا خَالَفَهُمَا: اللَّيْثُ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ.
فَإِنَّ اللَّيْثَ قَدْ اضْطَرَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ عَلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، فَإِنْ اللَّيْثَ، وَيُونُسَ، وَإِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ لَيْسُوا فَوْقَ مَعْمَرٍ، وَشُعَيْبٍ، فِي الْحِفْظِ، وَقَدْ وَافَقَهُمَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ.
وَأَمَّا تَنْظِيرُهُمْ فِي ذَلِكَ بِالثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِمْ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» .
وَبِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ.
فَمَا زَادُوا عَلَى أَنْ فَضَحُوا أَنْفُسَهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا فِي الْكَذِبِ الَّذِي لَا يَسْتَسْهِلُهُ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهُمَا أَفْطَرَا؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَابَانِ النَّاسَ؟ فَقِيلَ لَهُمْ: فَمَنْ اغْتَابَ النَّاسَ - وَهُوَ صَائِمٌ - أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ؟ قَالُوا: لَا.
وَهَذِهِ مَضَاحِكُ وَشَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ وَاسْتِخْفَافٌ بِأَوَامِرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْكَذِبِ عَلَيْهِ، أَنْ يَقُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» فَيَقُولُونَ هُمْ: لَمْ يُفْطِرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا.
فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: أَتُكَذِّبُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ أَفْطَرَا؟ قَالُوا أَفْطَرَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ الْغِيبَةُ.
فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: أَتُفَطِّرُ الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: لَا.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست