responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 347
عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ؟ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَخَرَجَ الذَّهَبُ بِهَذَا الْخَبَرِ عَنْ جُمْلَةِ الْآيَةِ، وَعَنْ عُمُومِ النُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَوَجَبَ الْأَخْذُ بِكُلِّ ذَلِكَ، وَأَنْ يُسْتَثْنَى الذَّهَبُ عَنْ سَائِرِ الْأَشْيَاءِ، فَلَا تُقْطَعُ الْيَدُ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ بِوَزْنِ مَكَّةَ فَصَاعِدًا، وَلَا تُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ خَاصَّةً.
ثُمَّ نَظَرْنَا - هَلْ نَجِدُ نَصًّا آخَرَ فِيمَا عَدَا الذَّهَبِ؟ إذْ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ ذِكْرُ قِيمَةٍ وَلَا ثَمَنٍ أَصْلًا، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا فِيهِ ذِكْرُ حُكْمِ شَيْءٍ غَيْرِ عَيْنِ الذَّهَبِ، فَإِذَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ حَدَّثَنَا: قَالَ: نا عِيسَى بْنُ أَبِي عِيسَى - هُوَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى - قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ «يَدَ السَّارِقِ لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمَئِذٍ ذُو ثَمَنٍ، وَأَنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ» فَكَانَ هَذَا حَدِيثًا صَحِيحًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَهُوَ مُسْنَدٌ؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقْطَعُ يَدَ السَّارِقِ إلَّا فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَشُكُّ أَحَدٌ - لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ - فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ - حَيْثُ كَانَتْ عَائِشَةُ، وَحَيْثُ شَهِدَتْ الْأَمْرَ - أَحَدٌ يَقْطَعُ الْأَيْدِي فِي السَّرِقَاتِ، وَلَا يُحْتَجُّ بِفِعْلِ أَحَدٍ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ. فَصَحَّ بِهَذَا الْخَبَرِ أَحْكَامٌ ثَلَاثَةٌ:
أَحَدُهَا - أَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَجِبُ فِي سَرِقَةِ مَا سِوَى الذَّهَبِ - فِيمَا يُسَاوِي ثَمَنَ حَجْفَةٍ أَوْ تُرْسٍ - قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ دُونَ تَحْدِيدٍ.
وَالثَّانِي - أَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ أَصْلًا - وَهُوَ التَّافِهُ - لَا يُقْطَعُ فِيهِ أَصْلًا.
وَالثَّالِثُ - بَيَانُ كَذِبِ مَنْ ادَّعَى أَنَّ ثَمَنَ الْمِجَنِّ الَّذِي فِيهِ الْقَطْعُ، إنَّمَا هُوَ مِجَنٌّ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الَّذِي سُرِقَ، فَقَطَعَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْ بِأَنَّ الْمُرَاعَى فِي ذَلِكَ ثَمَنُ حَجْفَةٍ أَوْ تُرْسٍ، وَكِلَاهُمَا ذُو

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست