responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 339
قَالُوا: وَلَمَّا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ، فَلِذَلِكَ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْ الْيَدِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَصْلًا، عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَأَمَّا الْآيَةُ فَحَقٌّ، وَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى مَا ذَكَرُوا، بَلْ هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ كَذَبُوا فِيهَا أَيْضًا: أَمَّا كَوْنُهَا لَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى مَا ادَّعُوهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إسْقَاطُ الْقَطْعِ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ هَؤُلَاءِ - لَا بِنَصٍّ وَلَا بِدَلِيلٍ - وَإِنَّمَا فِيهَا إبَاحَةُ الْأَكْلِ لَا إبَاحَةُ الْأَخْذِ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ؟ فَإِذَا قَالُوا: قِسْنَا الْأَخْذَ عَلَى الْأَكْلِ؟ قُلْنَا لَهُمْ: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ فِي الْعِلَّةِ أَوْ فِي شَبَهٍ بِوَجْهِ مَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ - لَا مُجِيزُ قِيَاسٍ وَلَا مَانِعٌ - قِيَاسُ الضِّدِّ عَلَى ضِدِّهِ، وَلَا مُضَادَّةَ أَكْثَرَ وَمِنْ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، وَأَنْتُمْ مُجْمِعُونَ - مَعَنَا وَمَعَ النَّاسِ - عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ لِعُرُوضِ الْأَخِ، وَالْأُخْتِ، وَالْعَمِّ، وَالْعَمَّةِ، وَالْخَالِ، وَالْخَالَةِ، وَالْأَبِ، وَالْأُمِّ، وَالصَّدِيقِ، مِنْ بُيُوتِهِمْ، وَنَقْلُ مَا فِيهَا حَرَامٌ، وَأَنَّ الْأَكْلَ حَلَالٌ، فَكَيْفَ اسْتَحْلَلْتُمْ قِيَاسَ حُكْمِ الْحَرَامِ الْمَمْنُوعِ عَلَى حُكْمِ الْحَلَالِ الْمُبَاحِ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الْآيَةِ، وَكَذِبُهُمْ فِيهَا، قَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ الْمُقَدَّمِ " إنَّ إبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى الْأَكْلَ مِنْ بُيُوتِ هَؤُلَاءِ يَقْتَضِي إبَاحَةَ دُخُولِ مَنَازِلِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ ". فَلَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ وَجَدُوا هَذَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا؟ فَيَدْخُلُ الصَّدِيقُ مَنْزِلَ صَدِيقِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ هَذَا عَجَبٌ مِنْ الْعَجَبِ، أَمَا سَمِعُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ} [النور: 58] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: 59] .
فَنَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَالِغٌ أَصْلًا عَلَى أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنٍ - وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ: الْأَبُ، وَالِابْنُ، وَغَيْرُهُمَا، حَاشَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُنَا، وَالْأَطْفَالَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَسْتَأْذِنُونَ إلَّا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثِ فَقَطْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة سَرِقَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ]

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 339
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست