responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 334
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ لَكَ فِي نَاقَتَيْنِ عِشْرَاوَيْنِ، مُرْتِعَتَيْنِ، سَمِينَتَيْنِ، بِنَاقَتِكَ؟ فَإِنَّا لَا نَقْطَعُ فِي عَامِ السَّنَةِ - وَالْمُرْتِعَتَانِ: الْمُوَطَّأَتَانِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ سَرَقَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُ، فَإِنْ أَخَذَ مِقْدَارَ مَا يَغِيثُ بِهِ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا شَيْئًا وَاحِدًا فَفِيهِ فَضْلٌ كَثِيرٌ، كَثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ لُؤْلُؤَةٍ، أَوْ بَعِيرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَأَخْذُهُ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ فَضْلَهُ لِمَنْ فَضَلَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَضْلِ قُوَّتِهِ مِنْهُ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى مِقْدَارِ قُوَّتِهِ يُبَلِّغُهُ إلَى مَكَانِ الْمَعَاشِ فَأَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُمَكَّنٌ لَا يَأْخُذُهُ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ فُرِضَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَخْذُ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ فِي مَعَاشِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ قَاتِلٌ نَفْسَهُ، وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَهُوَ عُمُومٌ لِكُلِّ مَا اقْتَضَاهُ لَفْظُهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة السَّرِقَة مِنْ ذِي رَحِم محرم]
2282 - مَسْأَلَةٌ: مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُهُمْ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ: إنْ سَرَقَ الْأَبَوَانِ مِنْ مَالِ ابْنِهِمَا، أَوْ بِنْتِهِمَا فَلَا قَطَعَ عَلَيْهِمَا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ - كَيْفَ كَانُوا - لَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا سَرَقُوهُ مِنْ مَالِ مَنْ تَلِيهِ وِلَادَتِهِمْ.
وَقَالَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ - حَاشَا مَالِكًا، وَأَبَا ثَوْرٍ: لَا قَطْعَ عَلَى الْوَلَدِ، وَلَا عَلَى الْبِنْتِ فِيمَا سَرَقَاهُ مِنْ مَالِ الْوَالِدَيْنِ، أَوْ الْأَجْدَادِ، أَوْ الْجَدَّاتِ، قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ: عَلَيْهِمَا الْقَطْعُ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا قَطْعَ عَلَى كُلِّ مَنْ سَرَقَ مَالًا لِأَحَدٍ مِنْ رَحِمِهِ الْمَحْرَمَةِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْقَطْعُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ وَلَدِهِ، أَوْ مِنْ وَالِدَيْهِ، أَوْ مِنْ جَدَّتِهِ، أَوْ مِنْ جَدِّهِ، أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ، أَوْ غَيْرِ مَحْرَمَةٍ.
وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمِهِ غَيْرِ الْمَحْرَمَةِ، وَفِيمَا سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَابْنَتِهِ وَابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَإِخْوَتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ؟

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 334
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست