responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 329
بِمَا يُصَدِّقُ اعْتِرَافَهُ، فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنْ يُقْطَعُوا فِي مِثْلِ هَذَا.
وَبِهِ - إلَى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ، قَالَ: مَنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ امْتِحَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ عَمَلِهِ، فَإِنَّ اعْتِرَافَهُ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا، وَلَا إقَامَتَهُ عَلَى الِاعْتِرَافِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَلَاءِ مَا قَدْ دَفَعَ عَنْهُ مِنْ الْبَلَاءِ بِاعْتِرَافِهِ، فَنَرَى أَنْ لَا يُؤْخَذَ بِاعْتِرَافِهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ وَجْهُ الْبَيِّنَةِ وَالْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ صَاحِبُ تِلْكَ السَّرِقَةِ؟ وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ بِلَا تَهْدِيدٍ وَلَا عَذَابٍ، أَوْ أَقَرَّ بِتَهْدِيدٍ وَعَذَابٍ؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِتَهْدِيدٍ وَعَذَابٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ أَصْلًا - أَحْضَرَ السَّرِقَةَ، أَوْ لَمْ يُحْضِرْهَا - إذْ قَدْ يَدْرِي مَوْضِعَهَا، أَوْ جُعِلَتْ عِنْدَهُ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ؟ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِلَا تَهْدِيدٍ وَلَا عَذَابٍ، فَالْقَطْعُ عَلَيْهِ - أَخْرَجَ السَّرِقَةَ، أَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا - لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ.
وَأَمَّا قَوْلُ رَبِيعَةَ " أَنْ لَا يُؤْخَذَ الْمُكْرَهُ بِاعْتِرَافٍ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ وَجْهُ الْبَيِّنَةِ وَالْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ صَاحِبُ تِلْكَ السَّرِقَةِ " فَقَوْلٌ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، أَنَّهُ إذَا جَاءَ بِبَيَانٍ يَتَيَقَّنُ بِهِ - دُونَ شَكٍّ - أَنَّهُ سَرَقَهَا، فَالْقَطْعُ وَاجِبٌ - وَسَوَاءٌ حِينَئِذٍ أَقَرَّ تَحْتَ الْعَذَابِ أَوْ دُونَ عَذَابٍ - وَكَذَلِكَ لَوْ عُذِّبَ أَوْ أَقَرَّ، وَجَاءَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَسْرِقُ لَوَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ بِالسَّرِقَةِ، لَا بِإِقْرَارِهِ، وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ إحْضَارَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ لَيْسَ بَيَانًا فِي أَنَّهُ هُوَ سَرَقَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ، وَلَا يَحِلُّ قَطْعُ يَدِ مُسْلِمٍ بِالظَّنِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنُّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِحَضْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَائِر الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُ قَطْعٌ إلَّا قَطْعٌ بِإِقْرَارٍ مُجَرَّدٍ دُونَ إحْضَارِ السَّرِقَةِ، وَأَنَّ السَّرِقَةَ إنَّمَا وُجِدْت عِنْدَ الصَّائِغِ، أَوْ عِنْدَهُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تُوضَعُ فِي رَحْلِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست