responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 326
وَإِنَّمَا فَرَضَ عَلَى النَّاسِ تَعْلِيمَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا الْقُرْآنَ - تَدْرِيسًا وَتَحْفِيظًا - وَهَكَذَا كَانَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مُصْحَفٌ، وَإِنَّمَا كَانُوا يُلَقِّنُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُقْرِئُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَمَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ أَنْ يُقَيِّدَ مَا حَفِظَ كَتَبَهُ فِي الْأَدِيمِ، وَفِي اللِّخَافِ، وَالْأَلْوَاحِ، وَالْأَكْتَافِ فَقَطْ. فَبَطَلَ قَوْلُهُ " إنَّ لِلسَّارِقِ حَقًّا فِي الْمُصْحَفِ " وَصَحَّ أَنَّ لِصَاحِبِ الْمُصْحَفِ مَنْعُهُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، إذْ لَا ضَرُورَةَ بِأَحَدٍ إلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَصَحَّ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ فِي سَرِقَةِ الْمُصْحَفِ - كَانَتْ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ - لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ لَا يُوجِبُوا الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ كُتُبَ الْعِلْمِ - وَهَذَا خَطَأٌ، بَلْ الْقَطْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاجِبٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة سُرَّاقٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِمْ]
2278 - مَسْأَلَةٌ: سُرَّاقٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ صَلِيبًا، أَوْ وَثَنًا - وَلَوْ كَانَ مَنْ فِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ - قَالَ: فَإِنْ سَرَقَ دَرَاهِمَ فِيهَا صُوَرُ أَصْنَامٍ، أَوْ صُوَرُ صُلْبَانٍ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعْبَدُ وَهَذَا لَا يُعْبَدُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا خَطَأٌ، وَتَنَاقُضٌ، وَاحْتِجَاجٌ فَاسِدٌ.
أَمَّا الْخَطَأُ، فَإِسْقَاطُ الْحَدِّ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ.
وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى سَارِقِ الصَّلِيبِ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ جَوْهَرًا لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ. وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ كَسْرُهُ فَقَطْ، وَأَمَّا مِلْكُ جَوْهَرِهِ فَصَحِيحٌ - وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ سَرَقَ إنَاءَ ذَهَبٍ وَإِنَاءَ فِضَّةٍ، وَالنَّهْيُ قَدْ صَحَّ عَنْ اتِّخَاذِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، كَمَا صَحَّ عَنْ اتِّخَاذِ الصَّلِيبِ وَالْوَثَنِ وَلَا فَرْقَ - وَالْقَطْعُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ الصُّورَةَ، وَلَا شَكْلَ الْإِنَاءِ، وَإِنَّمَا سَرَقَ الْجِسْمَ الْحَلَالَ تَمَلُّكَهُ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِي الْآنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالصُّلْبَانِ، وَالْأَوْثَانِ، الْكَسْرُ فَقَطْ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 326
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست