responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 322
حَقٍّ، لَا سِيَّمَا وَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُسْلِمَ إنْ سَرَقَ خَمْرًا لِمُسْلِمٍ، أَوْ خِنْزِيرًا لِمُسْلِمٍ، فَلَا قَطْعَ، وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَالًا لَهُ، وَلَا لَهُمَا قِيمَةٌ. وَالْعَجَبُ كُلُّهُ، كَيْفَ يَقْضُونَ بِضَمَانِهِمَا عَلَيْهِ - وَهُوَ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى قَضَائِهِمَا -؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ - فَفِيهِمَا الْمِثْلُ عِنْدَهُمْ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى الْقَطْعَ فِي ذَلِكَ وَالضَّمَانَ، وَقَوْلَ مَنْ لَا يَرَى فِي ذَلِكَ - لَا قَطْعًا وَلَا ضَمَانًا.
فَنَظَرْنَا فِيمَنْ رَأَى الْقَطْعَ وَالضَّمَانَ، فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّةً أَصْلًا. إلَّا إنْ قَالُوا: إنَّهَا مَالٌ لَهُمْ، وَلَهَا قِيمَةٌ عِنْدَهُمْ؟ فَقُلْنَا لَهُمْ: أَخْبِرُونَا، أَبِحَقٍّ مِنْ اللَّهِ تَمَلَّكُوهَا، وَاسْتَحَقُّوا مِلْكَهَا وَشُرْبَهَا، أَوْ بِبَاطِلٍ؟ وَلَا سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ؟ فَإِنْ قَالُوا: بِحَقٍّ، وَأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، كَفَرُوا بِلَا خِلَافٍ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ هَذَا - وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَقٌّ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ أَصْلًا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19] .
وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] .
فَإِذْ قَدْ صَحَّ مَا قُلْنَا، وَصَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ شُرْبَ الْخَمْرِ، عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَحَرَّمَ بَيْعَهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَحَرَّمَ مِلْكَهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى آمِرًا لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَقُولَ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] .
وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَأَنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، ثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا لِأَحَدٍ، وَأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهَا أَصْلًا، وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ - لِلتَّحْرِيمِ الْوَارِدِ فِيهِ جُمْلَةً.
فَإِذْ قَدْ حَرَّمَ مِلْكَهَا جُمْلَةً، كَانَ مَنْ سَرَقَهَا لَمْ يَسْرِقْ مَالًا لِأَحَدٍ، لَا قِيمَةَ لَهَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست