responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 320
الْأَمْوَالِ، فَقَدْ تَعَيَّنَ ذَلِكَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ، كَالدَّجَاجِ، وَالْحَمَامِ، وَشِبْهِهَا وَجَبَ فِيهِ الْقَطْعُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] .
وَبِإِيجَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ.
وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا رَسُولُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ ذَلِكَ - طَيْرًا وَلَا غَيْرَهُ - وَتَاللَّهِ، أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي يَعْلَمُ سِرَّ كُلَّ مَنْ خَلَقَ، وَكُلَّ مَا هُوَ كَائِنٌ، وَحَادِثٌ، مِنْ حَرَكَةٍ أَوْ نَفَسٍ، وَكَلِمَةٍ، أَبَدَ الْأَبَدِ، وَكُلَّ مَا لَا يَكُونُ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ، أَنْ يَخُصَّ مِنْ الْقَطْعِ مَنْ سَرَقَ الطَّيْرَ، لَمَا أَغْفَلَ ذَلِكَ، وَلَا أَهْمَلَهُ.
فَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ قَطُّ إسْقَاطَ الْقَطْعِ عَنْ سَارِقِ الطَّيْرِ، بَلْ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَطْعِهِ نَصًّا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[مَسْأَلَة الْقَطْعَ فِي الصَّيْدِ إذَا تَمَلَّكَ]
2274 - مَسْأَلَةٌ: الصَّيْدُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ أَمْرُ الصَّيْدِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَرَى الْقَطْعَ فِي الصَّيْدِ إذَا تَمَلَّكَ أَصْلًا، وَلَا يَرَى الْقَطْعَ فِيمَنْ سَرَقَ إبِلًا مُتَمَلِّكًا مِنْ حِرْزِهِ، وَلَا عَلَى مَنْ سَرَقَ كَذَلِكَ غَزَالًا، أَوْ خَشْفًا، أَوْ ظَبْيًا، أَوْ حِمَارًا وَحْشِيًّا، أَوْ أَرْنَبًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الصَّيْدِ.
وَرَأَى مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُمَا، الْقَطْعَ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الِاخْتِلَافِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنْهُمْ فِي مُرَاعَاةِ الْحِرْزِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا مَكَانٌ مَا نَعْلَمُ لِلْحَنَفِيَّيْنِ فِيهِ حُجَّةً أَصْلًا، وَلَا أَنَّهُ قَالَ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَ شَيْخِهِمْ، بَلْ هُوَ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَخِلَافٌ لِلْقُرْآنِ مُجَرَّدٌ، إلَّا أَنَّهُمْ ادَّعُوا أَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الطَّيْرِ؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّ الصَّيْدَ يُشْبِهُ الطَّيْرَ فِي أَنَّهُمَا حَيَوَانٌ وَحْشِيٌّ مُبَاحٌ فِي أَصْلِهِ؟ قِيلَ لَهُمْ: فَأَسْقِطُوا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ الْقَطْعَ عَمَّنْ سَرَقَ يَاقُوتًا، أَوْ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً، أَوْ نُحَاسًا، أَوْ حَدِيدًا، أَوْ رَصَاصًا، أَوْ قَزْدِيرًا، أَوْ زِئْبَقًا، أَوْ صُوفَ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ أَجْسَامٌ مُبَاحَةٌ فِي الْأَصْلِ، غَيْرُ مُتَمَلَّكَةٌ كَالصَّيْدِ، وَلَا فَرْقَ - فَهَذَا تَشْبِيهٌ أَعَمُّ مِنْ تَشْبِيهِكُمْ، وَعِلَّةٌ أَعَمُّ مِنْ عِلَّتِكُمْ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست