responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 236
قُلْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: إنَّ حُكْمَ الْحَرْبِيِّ قَبْلَ التَّذَمُّمِ غَيْرُ حُكْمِهِ بَعْدَ نَقْضِهِمْ الذِّمَّةَ، لِأَنَّ حُكْمَهُمْ قَبْلَ التَّذَمُّمِ الْمُقَاتَلَةُ، فَإِذَا قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ، فَإِمَّا الْمَنُّ وَإِمَّا الْفِدَاءُ، وَإِمَّا الْقَتْلُ، وَإِمَّا الْإِبْقَاءُ عَلَى الذِّمَّةِ - هَذَا فِي الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ فِي النِّسَاءِ حَاشَ الْقَتْلَ، وَأَمَّا بَعْدَ نَقْضِ الذِّمَّةِ فَلَيْسَ إلَّا الْقَتْلُ، أَوْ الْإِسْلَامُ فَقَطْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: 12] فَافْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى قِتَالَهُمْ بَعْدَ نَكْثِ أَيْمَانِهِمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ حَتَّى يَنْتَهُوا - وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ الِانْتِهَاءُ هَاهُنَا عَنْ بَعْضِ مَا هُمْ عَلَيْهِ دُونَ جَمِيعِ مَا هُمْ عَلَيْهِ، إذْ لَا دَلِيلَ يُوجِبُ ذَلِكَ، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّنَا إذَا انْتَهَوْا عَنْ الْكُفْرِ فَقَدْ حُرِّمَتْ دِمَاؤُهُمْ، وَلَا نَصَّ مَعَنَا وَلَا إجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُمْ إنْ انْتَهَوْا عَنْ بَعْضِ مَا هُمْ عَلَيْهِ دُونَ بَعْضٍ عَادُوا إلَى حُكْمِ الِاسْتِبْقَاءِ -.
وَقَدْ تَقَصَّيْنَا هَذَا فِي " كِتَابِ الْجِهَادِ " فِي مَوَاضِعَ مِنْ دِيوَانِنَا وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ حُكْمُهَا إذَا أَتَتْ بَعْدَ الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ يُبِيحُ الدَّمَ مِنْ زِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إذَا قَذَفَ الْكَافِرُ كَافِرًا فَلَيْسَ إلَّا الْحَدُّ فَقَطْ، عَلَى عُمُومِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَنْ قَذَفَ مُحْصَنَةً بِنَصِّ الْقُرْآنِ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَرَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى كَافِرٍ إذَا زَنَى بِمُسْلِمَةٍ، وَلَا عَلَى كَافِرَةٍ إذَا زَنَى بِهَا مُسْلِمٌ، وَلَا يَرَى الْحَدَّ عَلَى كَافِرٍ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ - ثُمَّ يَرَى الْحَدَّ عَلَى الْكَافِرِ إذَا قَذَفَ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَ أَحْكَامِ هَذِهِ الْحُدُودِ عِنْدَهُمْ؟
فَإِنْ قَالُوا: إنَّ الْحَدَّ فِي الْقَذْفِ حَقٌّ لِلْمُسْلِمِ؟
قُلْنَا لَهُمْ: وَقُولُوا أَيْضًا: إنَّ حَدَّ الْكَافِرِ إذَا زَنَى بِمُسْلِمَةٍ حَقٌّ لِأَبِي تِلْكَ الْمُسْلِمَةِ، وَلِزَوْجِهَا، وَأُمِّهَا وَلَا فَرْقَ - وَالْعَجَبُ أَيْضًا مِمَّنْ قَطَعَ يَدَ الْكَافِرِ إذَا سَرَقَ مِنْ كَافِرٍ، ثُمَّ لَا يَحُدُّهُ لَهُ إذَا قَذَفَهُ، وَهَذِهِ عَجَائِبُ لَا نَظِيرَ لَهَا؟ خَالَفُوا فِيهَا نُصُوصَ الْقُرْآنِ، وَتَرَكُوا الْقِيَاسَ الَّذِي إلَيْهِ يَدْعُونَ، وَبِهِ يَحْتَجُّونَ، إذْ فَرَّقُوا بَيْنَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَلَمْ يَقِيسُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِغَيْرِ دَلِيلٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ لَمْ يَجِدْك زَوْجُك عَذْرَاءَ]
2235 - مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: لَمْ يَجِدْك زَوْجُك عَذْرَاءَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا:

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست