responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 232
أَنَا عَبْدُ اللَّهِ - هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي نُعْمٍ: أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بَرِيئًا مِمَّا قَالَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ» .
وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي ظَهْرِهِ حَدٌّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إنْ شَاءَ آخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَعَلَّهُمْ يَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ، أَوْ يَقُولُونَ: لَا حُرْمَةَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْأَمَةِ، فَكَثِيرًا مَا يَأْتُونَ بِمِثْلِ هَذَا.
فَإِنْ ادَّعَوْا الْإِجْمَاعَ أَكْذَبَهُمْ مَا رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِأَصَحِّ طَرِيقٍ، وَمَا نَعْلَمُ قَوْلَهُمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَصْلًا، إلَّا رِوَايَةً لَا نَقِفُ الْآنَ عَلَى مَوْضِعِهَا مِنْ أُصُولِنَا.
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ - أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ مِنْ حُرَّةٍ، وَابْنَةٌ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ، فَكَانَتْ ابْنَةُ الْحُرَّةِ تَقْذِفُ ابْنَةَ أُمِّ الْوَلَدِ، فَأَعْتَقَ أُمَّهَا، وَقَالَ لِابْنَةِ الْحُرَّةِ: اقْذِفِيهَا الْآنَ إنْ قَدِرْتِ؟ وَعَنْ نَفَرٍ مِنْ التَّابِعِينَ قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ خَالَفُوهُمْ فِي أَكْثَرِ أَقْوَالِهِمْ: فَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ - فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهَا عَلَى قَاذِفِهَا، وَلَعَلَّ حَاكِمَ وَقْتِهِ كَانَ لَا يَرَى الْحَدَّ عَلَى قَاذِفِ أُمِّ الْوَلَدِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ " لَا حُرْمَةَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْأَمَةِ " فَكَلَامٌ سَخِيفٌ، وَالْمُؤْمِنُ لَهُ حُرْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَرُبَّ عَبْدٍ جِلْفٍ خَيْرٌ مِنْ خَلِيفَةٍ قُرَشِيٍّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13] الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] .
وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي الْوِلَادَةِ أَوْلَادُ آدَمَ وَامْرَأَتِهِ، ثُمَّ تَفَاضَلَ النَّاسُ بِأَخْلَاقِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، لَا بِأَعْرَاقِهِمْ، وَلَا بِأَبْدَانِهِمْ.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَسَوَّى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ حُرْمَةِ الْعِرْضِ مِنْ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ نَصًّا، وَلَا سِيَّمَا

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 232
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست