responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 214
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَى - أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا - أَنَّهُ قَدْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَأَحْرَزُوا ظُهُورَهُمْ.
وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ - فِي أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَى أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا حَتَّى يَكُونَ مَعَهُمْ مَنْ يَجِيءُ بِهَا - وَبِهَذَا يَأْخُذُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ كُلُّ قَائِلٍ مِنْهُمْ لِقَوْلٍ، فَوَجَدْنَا كِلْتَا الطَّائِفَتَيْنِ تَتَعَلَّقُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] وَبِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»
فَنَظَرْنَا فِي هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ فَوَجَدْنَاهُمَا: إنَّمَا نَزَلَا فِي الزَّوْجِ إذَا كَانَ رَامِيًا قَاذِفًا، إلَّا إذَا كَانَ شَاهِدًا، هَذَا نَصُّ الْآيَةِ، وَنَصُّ الْخَبَرِ، فَلَيْسَ حُكْمُ الزَّوْجِ إذَا كَانَ شَاهِدًا لَا قَاذِفًا رَامِيًا، فَوَجَبَ أَنْ نَطْلُبَ حُكْمَ شَهَادَةِ الزَّوْجِ فِي غَيْرِهِمَا.
فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} [النور: 4] فَشَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَاذِفِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ أَنْ يُجْلَدَ، وَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةَ الشُّهَدَاءَ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُمْ زَوْجُهَا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] .
وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يَكُونَ الزَّوْجُ أَحَدَ أُولَئِكَ الشُّهَدَاءِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ وَلَمَا كَتَمَهُ، وَلَا أَهْمَلَهُ، فَإِذْ عَمَّ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَخُصَّ فَالزَّوْجُ وَغَيْرُ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ بِيَقِينٍ لَا شَكَّ فِيهِ.
فَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنَّ الزَّوْجَ إنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ إلَّا أَنْ يُلَاعَنَ، أَوْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ قَاذِفٌ، وَرَامٍ - وَالْقَاذِفُ وَالرَّامِي: مُكَلَّفٌ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَلَا بُدَّ - وَهَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ وَلَا فَرْقَ، إذَا قَذَفَ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ غَيْرِهِ، فَإِنْ جَاءَ الزَّوْجُ شَاهِدًا لَا قَاذِفًا، فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ الشَّاهِدِ وَلَا فَرْقَ، لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست