responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 184
الْمَمْلُوكِ أَوْ الْمَمْلُوكَةِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ - فَبَطَلَ بِالنُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَوْلَا نَصُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُنَا لَكَانَتْ الْحُدُودُ عَنْهُمْ سَاقِطَةً جُمْلَةً، فَإِذْ قَدْ صَحَّتْ الْحُدُودُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا إلَّا مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ، وَلَا نَصَّ وَلَا إجْمَاعَ بِوُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَيْهِمْ، وَلَا بِإِيجَابِ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِينَ جَلْدَةً وَنَفْيِ نِصْفِ سَنَةٍ، فَوَجَبَ الْأَخْذُ بِمَا أَوْجَبَهُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ وَإِسْقَاطُ مَا لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَصَحَّ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2] الْآيَةَ إنَّمَا عَنَى بِلَا شَكٍّ الْأَحْرَارَ وَالْحَرَائِرَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» إنَّمَا عَنَى بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْأَحْرَارَ وَالْحَرَائِرَ لَا الْعَبِيدَ وَلَا الْإِمَاءَ.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنْ «يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ» وَلَمْ يُصَحَّحْ الْحُكْمُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» وَلَمْ يَعْتَمِدْ فِي الرَّجْمِ إلَّا عَلَى الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي رَجْمِ مَاعِزٍ، وَالْغَامِدِيَّةِ، وَالْجُهَيْنِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَإِنَّهُ لَا مُخَلِّصَ لَهُمْ مِنْ دَلِيلِ أَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِنَا، وَلَا نَجِدُ أَلْبَتَّةَ دَلِيلًا عَلَى إسْقَاطِ الرَّجْمِ عَنْ الْأَمَةِ الْمُحْصَنَةِ وَالْعَبْدِ الْمُحْصَنِ؟ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْقِيَاسِ فَقَالَ: أَقِيسُ الْعَبْدَ عَلَى الْأَمَةِ؟ قِيلَ لَهُ: الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَمَا كَانَ لَكُمْ هَاهُنَا وَجْهٌ مِنْ الْقِيَاسِ تَتَعَلَّقُونَ بِهِ فِي إسْقَاطِ الرَّجْمِ أَصْلًا، لِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ عَلَى إسْقَاطِ الرَّجْمِ عَنْهَا، وَلَا نَجِدُ دَلِيلًا عَلَى إسْقَاطِهِ أَصْلًا، وَلَا سِيَّمَا مَنْ قَالَ: إحْصَانُهَا هُوَ إسْلَامُهَا، وَأَنَّهُ أَيْضًا يَلْزَمُهُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ مُحْصَنَةً وَلَا بُدَّ، وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ، لِأَنَّ إحْصَانَهَا أَيْضًا إسْلَامُهَا.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست