responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 168
كَمَا نا أَبُو سَعِيدٍ الْجَعْفَرِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الإدفوي الْمُقْرِي نا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ النَّحْوِيُّ نا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ نا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: 15] . فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ إذَا زَنَتْ تُحْبَسُ فِي الْبَيْتِ حَتَّى تَمُوتَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] وَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا، فَهَذَا السَّبِيلُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُمَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وقَوْله تَعَالَى {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16] فَكَانَ الرَّجُلُ إذَا زَنَى أُوذِيَ بِالتَّعْيِيرِ وَضَرْبِ النِّعَالِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] فَإِنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ رُجِمَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نا أَبُو سَعِيدٍ الْجَعْفَرِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الْأُدْفُوِيُّ نا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَا سَلَمَةُ - هُوَ ابْنُ شَيْبٍ - نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15] قَالَ: نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ - وَقَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا: فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16] نَسَخَتْهَا الْحُدُودُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15] إلَى قَوْلِهِ {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15] إنَّمَا فِيهِ حُكْمُ النِّسَاءِ فَقَطْ، وَلَيْسَ فِيهَا حُكْمُ الرِّجَالِ أَصْلًا.
ثُمَّ عَطَفَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا مُتَّصِلًا بِهَا قَوْله تَعَالَى {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16] فَكَانَ هَذَا حُكْمًا زَائِدًا لِلرِّجَالِ مُضَافًا إلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ حُكْمِ النِّسَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِكَذَا، وَلَا أَنَّهُ نَاسِخٌ لِكَذَا إلَّا بِيَقِينٍ، لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَّا، إلَّا بِنَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهَا بِوَحْيٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى،

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست