responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 14
دَاوُد بْنُ رَشِيدٍ نا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا بَايَعَتْ النِّسَاءُ، فَمَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْهُنَّ: ضَمِنَ لَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ مِنَّا وَأَتَى بِشَيْءٍ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ: فَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى»
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَصَحِيحُ السَّنَدِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُ فِي وَقْتِنَا هَذَا عِلَّةً، إلَّا أَنَّ الَّذِي لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ، وَلَا يَقُولُ إلَّا الْحَقَّ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَصَحِّ سَنَدٍ مِمَّا أَوْرَدْنَا آنِفًا مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ: «أَنَّ مَنْ أَصَابَ مِنْ الزِّنَى، وَالسَّرِقَةِ، وَالْقَتْلِ، وَالْغَصْبِ: شَيْئًا، فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَشُكَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ قَدْ قَطَعَ بِهِ، وَبَشَّرَ أُمَّتَهُ بِهِ، وَهُوَ وَحْيٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْحَى إلَيْهِ بِهِ.
وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِيهِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْكَلَامَ، وَقَدْ سَمِعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ أَحَدِ الْمُهَاجِرِينَ، مِمَّنْ سَمِعَهُ ذَلِكَ الصَّاحِبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْبَعْثِ، قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ عُبَادَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ» فَهَذَا صَحِيحٌ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يُعَلِّمُ إلَّا مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ أَعْلَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ حِينَئِذٍ، وَأَخْبَرَ بِهِ الْأَنْصَارَ، إذْ بَايَعُوهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَالْحُدُودُ حِينَئِذٍ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ بَعْدُ، لَا حِينَ بَيْعَةِ عُبَادَةَ وَلَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ رَسُولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ سَيَكُونُ لِهَذِهِ الذُّنُوبِ حُدُودٌ، وَعُقُوبَاتٌ - وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا - لَكِنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا - هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ - إنْ صَحَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ عِلَّةٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ - فَسَاقِطٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ رَشِيدٍ - وَهُوَ ضَعِيفٌ.
ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي تَكَلَّمْنَا فِيهِ آنِفًا، وَالْأَمْرُ كَانَ حِينَئِذٍ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَبْيَنُ، لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ مُتَأَخِّرٌ جِدًّا بَعْدَ الْفَتْحِ، لَمْ يُدْرِكْ قَطُّ بَيْعَةَ النِّسَاءِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْقِتَالِ، لِأَنَّ إسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ " الْمَائِدَةِ " فَصَارَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَاضِيًا عَلَى كُلِّ ذَلِكَ، وَمُخْبِرًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَيْسَ فِي سَائِرِ الْأَخْبَارِ: مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا، حَاشَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا

[مَسْأَلَة هَلْ تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِالتَّوْبَةِ أَمْ لَا]

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست