responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 12
وَمِمَّنْ قَالَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ بِالْجَلْدِ فِي الْمَسَاجِدِ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَغَيْرُهُ - وَبِهِ نَأْخُذُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة هَلْ الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ لِمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا]
2170 - مَسْأَلَةٌ: هَلْ الْحُدُودُ كَفَّارَةٌ لِمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا فِيهِ حَدٌّ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ مَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ - تَابَ أَوْ لَمْ يَتُبْ - حَاشَ الْمُحَارَبَةِ، فَإِنَّ إثْمَهَا بَاقٍ عَلَيْهِ وَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّهَا، وَلَا يُسْقِطُهَا عَنْهُ إلَّا التَّوْبَةُ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ «عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ، إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» .
وَبِهِ - إلَى مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ أَنَا هُشَيْمٌ أَنَا خَالِدٌ - هُوَ الْحَذَّاءُ - عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ - هُوَ الصَّنْعَانِيِّ - عَنْ «عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ: أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاَللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا يَغْتَابَ بَعْضُنَا بَعْضًا - فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ عِقَابُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ - إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» .
وَأَمَّا تَخْصِيصُنَا الْمُحَارَبَةَ مِنْ جَمِيعِ الْحُدُودِ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] إلَى قَوْله تَعَالَى {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7] فَنَصَّ اللَّهُ تَعَالَى نَصًّا لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، عَلَى أَنَّهُمْ مَعَ إقَامَةِ هَذَا الْحَدِّ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا، وَلَهُمْ مَعَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 12
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست