responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 116
وَالْقِسْمُ الثَّانِي: قَوْمٌ أَسْلَمُوا وَلَمْ يَكْفُرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ، لَكِنْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ مِنْ أَنْ يَدْفَعُوهَا إلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَى هَذَا قُوتِلُوا.
وَلَا يَخْتَلِفُ الْحَنَفِيُّونَ، وَلَا الشَّافِعِيُّونَ: فِي أَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ أَصْلًا، وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا فِعْلَ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمْ، وَلَا يُسَمِّيهِمْ أَهْلَ رِدَّةٍ.
وَدَلِيلُ مَا قُلْنَا: شِعْرُ الْحُطَيْئَةِ الْمَشْهُورُ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ:
أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا ... فَيَا لَهْفَنَا مَا بَالُ دِينِ أَبِي بَكْرِ
أَيُورِثُهَا بَكْرًا إذْ مَاتَ بَعْدَهُ ... فَتِلْكَ لَعَمْرُ اللَّهِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ
وَإِنَّ الَّتِي طَالَبْتُمْ فَمُنِعْتُمْ ... لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَحْلَى لَدَيَّ مِنْ التَّمْرِ
فِدًا لِبَنِي بَكْرِ بْنِ ذُودَانَ رَحْلِي وَنَا ... قَتِي عَشِيَّةَ يَحْدِي بِالرِّمَاحِ أَبُو بَكْرِ
فَهُوَ مُقِرٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا تَرَى، فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَثُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُ وَمَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ قَوْمٌ ارْتَدُّوا جُمْلَةً، كَمَنْ آمَنَ بِطُلَيْحَةَ، وَنَحْوِ هَؤُلَاءِ، إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَنْسَنِدُ؟ فَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مَوْجُودٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

وَمَنْ قَالَ: بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَلَا بُدَّ، دُونَ ذِكْرِ اسْتِتَابَةٍ أَوْ قَبُولِهَا: كَمَا أَوْرَدْنَا عَنْ مُعَاذٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بِالِاسْتِتَابَةِ أَبَدًا وَإِيدَاعِ السِّجْنِ فَقَطْ: كَمَا قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ مِمَّا قَدْ أَوْرَدْنَا قَبْلُ، وَوُجُوبُ الْقِتَالِ: هُوَ حُكْمٌ آخَرُ غَيْرُ وُجُوبِ الْقَتْلِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ، فَإِنَّ قِتَالَ مَنْ بَغَى عَلَى الْمُسْلِمِ، أَوْ مَنَعَ حَقًّا قِبَلَهُ، وَحَارَبَ دُونَهُ: فَرْضٌ وَاجِبٌ بِلَا خِلَافٍ - وَلَا حُجَّةَ فِي قِتَالِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَهْلَ الرِّدَّةِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ بِلَا شَكٍّ، وَلَمْ نُخَالِفْكُمْ فِي هَذَا، وَلَا يَصِحُّ - أَصْلًا - عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ ظَفِرَ بِمُرْتَدٍّ عَنْ الْإِسْلَامِ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ بِاسْتِتَابَةٍ، فَتَابَ، فَتَرَكَهُ، أَوْ لَمْ يَتُبْ فَقَتَلَهُ - هَذَا مَا لَا يَجِدُونَهُ.
وَأَمَّا مَنْ بَدَّلَ كُفْرًا بِكُفْرٍ آخَرَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست