responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 113
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَتَلَ جُحَيْنَةَ الْكَذَّابَ، وَأَصْحَابَهُ، قَالَ أَنَسٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ جُحَيْنَةُ، وَأَصْحَابُهُ؟ قَالَ: فَتَغَافَلْت عَنْهُ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقُلْت: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَلْ كَانَ سَبِيلٌ إلَّا الْقَتْلُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ أَتَيْت بِهِمْ لَعَرَضْت عَلَيْهِمْ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا اسْتَوْدَعْتهمْ السِّجْنَ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَدِمَ مَجْزَأَةُ بْنُ ثَوْرٍ، أَوْ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ عَلَى عُمَرَ يُبَشِّرُهُ بِفَتْحِ تُسْتَرَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ كَانَتْ مُغْرِبَةٌ يُخْبِرُنَا بِهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَرَبِ ارْتَدَّ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، قَالَ عُمَرُ: وَيْحَكُمْ، فَهَلَّا طَيَّنْتُمْ عَلَيْهِ بَابًا، وَفَتَحْتُمْ لَهُ كُوَّةً فَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهَا رَغِيفًا، وَسَقَيْتُمُوهُ كُوزًا مِنْ مَاءٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ عَرَضْتُمْ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فِي الثَّالِثَةِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَرْجِعَ، اللَّهُمَّ لَمْ أَحْضُرْ، وَلَمْ آمُرْ، وَلَمْ أَعْلَمْ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا: فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ أَنَا سَحْنُونٌ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَجُلًا يَهُودِيًّا أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَحَبَسَهُ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَدْعُوهُ إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَتَاهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَرَآهُ عِنْدَهُ فَقَالَ: لَا أَنْزِلُ حَتَّى تَضْرِبَ عُنُقَهُ؟ فَلَمْ يَنْزِلْ حَتَّى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَأَمَّا مَنْ ارْتَدَّ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكًا قَالَا جَمِيعًا: يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُهُمَا: لَا يُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: فَمَرَّةً قَالَ: إنْ رَجَعَ إلَى الْكُفْرِ الَّذِي تَذَمَّمَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِلَّا أَنْ يُسْلِمَ - وَمَرَّةً قَالَ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الرُّجُوعُ إلَى الدِّينِ الَّذِي خَرَجَ عَنْهُ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ السَّيْفِ - وَبِهَذَا يَقُولُ أَصْحَابُنَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُسْتَتَابُ مَرَّةً، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ؟ فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] .
وَقَالَ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] .

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست