responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 107
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ قَبْلَ حَدِيثِ عُبَادَةَ، وَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، أَيَّ ذَلِكَ كَانَ لَا يَعْتَرِضُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، وَلَا يُعَارِضُ شَيْءٌ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ - عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَنَقُولُ: إنَّهُ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ، فَقَدْ صَحَّ مَا فِي حُكْمِ حَدِيثِ عُبَادَةَ مِنْ الْجَلْدِ، وَالتَّغْرِيبِ، وَالرَّجْمِ، وَكَانَتْ الْآيَةُ وَرَدَتْ بِبَعْضِ مَا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ، وَأَحَالَنَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَاقِي الْحَدِّ عَلَى مَا سَلَفَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ.
وَكَمَا لَمْ تَكُنْ الْآيَةُ مَانِعَةً عِنْدَهُمْ مِنْ الرَّجْمِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا - بِزَعْمِهِمْ - وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا، فَكَذَلِكَ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ التَّغْرِيبِ الَّذِي ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِهَا - بِزَعْمِهِمْ - وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا، وَلَا فَرْقَ.
هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَعَدِّيهِ إنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ، كَمَا ادَّعَوْا - وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عُبَادَةَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ، فَقَدْ جَاءَ بِمَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْجَلْدِ، وَزِيَادَةِ الرَّجْمِ، وَالتَّغْرِيبِ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ، وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» بِمُوجِبٍ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَلَا بُدَّ، بَلْ قَدْ تَنْزِلُ الْآيَةُ بِبَعْضِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُنَّ، ثُمَّ بَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ تَمَامَ السَّبِيلِ، وَهُوَ الرَّجْمُ، وَالتَّغْرِيبُ الْمُضَافَانِ إلَى مَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْجَلْدِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة مَنْ أَصَابَ حَدًّا وَلَمْ يَدْرِ بِتَحْرِيمِهِ]
2198 - مَسْأَلَةٌ: مَنْ أَصَابَ حَدًّا وَلَمْ يَدْرِ بِتَحْرِيمِهِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مُحَرَّمًا - فِيهِ حَدٌّ أَوْ لَا حَدَّ فِيهِ - وَهُوَ جَاهِلٌ بِتَحْرِيمِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ - لَا إثْمَ وَلَا حَدَّ وَلَا مَلَامَةَ - لَكِنْ يُعَلَّمُ، فَإِنْ عَادَ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ ادَّعَى جَهَالَةً نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَصْلًا - وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ بِتَحْلِيفِهِ، وَلَا نَرَى عَلَيْهِ حَدًّا، وَلَا تَحْلِيفًا - وَإِنْ كَانَ مُتَيَقَّنًا أَنَّهُ كَاذِبٌ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] فَإِنَّ الْحُجَّةَ عَلَى مَنْ بَلَغَتْهُ النِّذَارَةُ لَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَلَيْسَ فِي وُسْعِ أَحَدٍ أَنْ يَعْلَمَ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ، لِأَنَّهُ عِلْمُ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 12  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست