responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 92
فَقَدْ فَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ، فَظَهَرَ فَسَادُ احْتِجَاجِهِمْ وَعِظَمُ تَنَاقُضِهِمْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ بِلَا بُرْهَانٍ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي الْجُنُبِ يَنْغَمِسُ فِي الْبِئْرِ كَمَا ذَكَرْنَا بِلَا دَلِيلٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ احْتَاجَ الْوُضُوءُ إلَى نِيَّةٍ لَاحْتَاجَتْ النِّيَّةُ إلَى نِيَّةٍ وَهَكَذَا أَبَدًا، قُلْنَا لَهُمْ: هَذَا لَازِمٌ لَكُمْ فِيمَا أَوْجَبْتُمْ مِنْ النِّيَّةِ لِلتَّيَمُّمِ وَلِلصَّلَاةِ وَهَذَا مُحَالٌ، لِأَنَّ النِّيَّةَ الْمَأْمُورَ بِهَا هِيَ مَأْمُورٌ بِهَا لِنَفْسِهَا، لِأَنَّهَا الْقَصْدُ إلَى مَا أُمِرَ بِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ قَوْلُهُ بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَالْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ، وَقَوْلُنَا فِي هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُد وَغَيْرِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. .

[مَسْأَلَةٌ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ]
112 - مَسْأَلَةٌ: وَيُجْزِئُ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ، لَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ وَلَا التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ آخَرُونَ: يُجْزِئُ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَلَا يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَقَالَ آخَرُونَ: الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ يَجْزِيَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى كُلَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6]
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ كَافِيَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: إذَا قُمْتُمْ إلَى صَلَاةِ فَرْضٍ، وَلَا إذَا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ فَرْضٍ فَقُمْتُمْ إلَيْهَا، بَلْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] فَعَمَّ تَعَالَى وَلَمْ يَخُصَّ، وَالصَّلَاةُ تَكُونُ فَرْضًا وَتَكُونُ تَطَوُّعًا بِلَا خِلَافٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْأَرْضِ قَاطِبَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ التَّطَوُّعِ لَا تُجْزِئُ إلَّا بِطَهَارَةٍ مِنْ وُضُوءٍ أَوْ تَيَمُّمٍ أَوْ غُسْلٍ وَلَا بُدَّ، فَوَجَبَ بِنَصِّ الْآيَةِ ضَرُورَةُ أَنَّ الْمَرْءَ إذَا أَرَادَ صَلَاةَ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَقَامَ إلَيْهَا أَنْ يَتَوَضَّأَ أَوْ يَغْتَسِلَ إنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ يَتَيَمَّمَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ ثُمَّ لِيُصَلِّ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصُّ الْآيَةِ بِيَقِينٍ فَإِذَا أَتَمَّ الْمَرْءُ غُسْلَهُ أَوْ وُضُوءَهُ أَوْ تَيَمُّمَهُ فَقَدْ طَهُرَ بِلَا شَكٍّ. وَإِذْ قَدْ صَحَّتْ طَهَارَتُهُ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَ طَهَارَتِهِ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الَّتِي قَامَ إلَيْهَا مُهْلَةً مِنْ مَشْيٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ عَمَلٍ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست