responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 411
الْمَرْأَةِ فَلَا تَحِيضُ بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مَعَ الْمُشَاهَدَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ تَرَى الطُّهْرَ سَاعَةً وَأَكْثَرَ بِالْمُشَاهَدَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَا يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ لَيْسَ طُهْرًا وَكُلُّ ذَلِكَ حَيْضٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الطُّهْرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً يَشْتَغِلُ بِهَا أَصْلًا، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا يَكُونُ طُهْرٌ أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا فَقَالُوا: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِلَّتِي تَحِيضُ وَجَعَلَ لِلَّتِي لَا تَحِيضُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، قَالُوا: فَصَحَّ أَنَّ بِإِزَاءِ كُلِّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا، فَلَا يَكُونُ حَيْضٌ وَطُهْرٌ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ اللَّهُ تَعَالَى فَنَاسِبُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَاذِبٌ، نَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ قَطُّ إنِّي جَعَلْتُ بِإِزَاءِ كُلِّ حَيْضَةٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا، بَلْ لَا يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّنَا وَهُمْ لَا نَخْتَلِفُ فِي امْرَأَةٍ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرَيْنِ مَرَّةً أَوْ فِي كُلِّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مَرَّةً، فَإِنَّهَا تَتَرَبَّصُ حَتَّى تَتِمَّ لَهَا ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَلَا بُدَّ، فَظَهَرَ كَذِبُ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ حَيْضَةٍ وَطُهْرٍ شَهْرًا، بَلْ قَدْ وَجَدْنَا الْعِدَّةَ تَنْقَضِي فِي سَاعَةٍ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَبَطَلَ كُلُّ هَذَرٍ أَتَوْا بِهِ وَكُلُّ ظَنٍّ كَاذِبٍ شَرَعُوا بِهِ الدِّينَ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ الْخَطَأِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ طُهْرًا وَهُوَ يَأْمُرُهَا فِيهِ بِالصَّلَاةِ وَبِالصَّوْمِ وَيُبِيحُ وَطْأَهَا لِزَوْجِهَا، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ طُهْرًا مَا هَذِهِ صِفَتُهُ؟ وَكَيْفَ لَا يَعُدُّ الْيَوْمُ وَأَقَلُّ مِنْهُ حَيْضًا وَهُوَ يَأْمُرُهَا فِيهِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ وَبِتَرْكِ الصَّلَاةِ؟ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ يُغْنِي ذِكْرُهَا عَنْ تَكَلُّفِ فَسَادِهَا، وَلَا يُعْرَفُ لِشَيْءٍ مِنْهَا قَائِلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي فِي يَوْمٍ أَوْ فِي يَوْمَيْنِ عَلَى قَوْلِكُمْ؟ قُلْنَا نَعَمْ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَأَيْنَ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَبِيُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ هَذَا؟ وَأَنْتُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِكُمْ وَقَدْ أَرَيْنَاكُمْ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي فِي أَقَلِّ مِنْ سَاعَةٍ فَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ؟

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 411
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست