responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 378
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ» وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ قَبْلُ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ، فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلَّا بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْتِ النَّصُّ إلَّا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الصَّعِيدِ، وَهُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَبِالْأَرْضِ - وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ - وَبِالتُّرَابِ فَقَطْ فَوَجَدْنَا التُّرَابَ سَوَاءٌ كَانَ مَنْزُوعًا عَنْ الْأَرْضِ، مَحْمُولًا فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي إنَاءٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ إنْسَانٍ أَوْ عَرَقِ فَرَسٍ أَوْ لَبَدٍ أَوْ كَانَ لَبِنًا أَوْ طَابِيَةً أَوْ رُضَاضَ آجُرٍّ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تُرَابٌ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ هَذَا الِاسْمُ، فَكَانَ التَّيَمُّمُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ جَائِزًا، وَوَجَدْنَا الْآجُرَّ وَالطِّينَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُمَا اسْمُ تُرَابٍ وَاسْمُ أَرْضٍ وَاسْمُ صَعِيدٍ فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ، فَإِذَا رُضَّ أَوْ جُفِّفَ عَادَ عَلَيْهِ اسْمُ تُرَابٍ فَجَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَوَجَدْنَا سَائِرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الصَّخْرِ وَمِنْ الرَّمْلِ، وَمِنْ الْمَعَادِنِ مَا دَامَتْ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّ اسْمَ الصَّعِيدِ وَاسْمَ الْأَرْضِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ، فَكَانَ التَّيَمُّمُ بِكُلِّ ذَلِكَ جَائِزًا، وَوَجَدْنَا كُلَّ ذَلِكَ إذَا أُزِيلَ عَنْ الْأَرْضِ سَقَطَ عَنْهُ اسْمُ الْأَرْضِ وَاسْمُ الصَّعِيدِ وَلَمْ يُسَمَّ تُرَابًا، فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَوَجَدْنَا الْمِلْحَ الْمُنْعَقِدَ مِنْ الْمَاءِ، وَالثَّلْجَ وَالْحَشِيشَ وَالْوَرَقَ لَا يُسَمَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ صَعِيدًا وَلَا أَرْضًا وَلَا تُرَابًا، فَلَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ قَالَ: إنْ وُضِعَ التُّرَابُ فِي ثَوْبٍ لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَهَذَا تَفْرِيقٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَيَمَّمُ عَلَى الثَّلْجِ، وَرُوِيَ أَيْضًا ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ. فَإِنْ قِيلَ: مَا حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْأَرْضِ فَهُوَ أَرْضٌ.
قِيلَ لَهُمْ فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ قَتْلَى أَوْ غَنَمٌ أَوْ ثِيَابٌ أَوْ خَشَبٌ أَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْضِ فَيُتَيَمَّمُ عَلَيْهِ؟ وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: إنَّ مَا حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْأَرْضِ فَهُوَ أَرْضٌ أَوْ مِنْ الْأَرْضِ - فَقَوْلٌ فَاسِدٌ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا لُغَةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٌ ".
قَالَ عَلِيٌّ: وَالثَّلْجُ وَالطِّينُ وَالْمِلْحُ لَا يُتَوَضَّأُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَا يُتَيَمَّمُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يُسَمَّى مَاءً وَلَا تُرَابًا وَلَا أَرْضًا وَلَا صَعِيدًا، فَإِذَا ذَابَ الْمِلْحُ وَالثَّلْجُ فَصَارَا مَاءً جَازَ الْوُضُوءُ بِهِمَا، لِأَنَّهُمَا مَاءٌ، وَإِذَا جَفَّ الطِّينُ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّهُ تُرَابٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ: لَا يَتَيَمَّمُ إلَّا بِالتُّرَابِ خَاصَّةً، لَا بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ،

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست