responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 366
مُبَاضَعَةِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَصَحَّ أَنَّهُ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ، وَمَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ مَنْ حُكْمُهُ التَّيَمُّمُ مِمَّنْ حُكْمُهُ الْغُسْلُ أَوْ الْوُضُوءُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْعَجَبُ أَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ يُجْزِئُ لِلْجَنَابَةِ وَلِلْوُضُوءِ وَلِلْحَيْضِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ يَمْنَعُ الْمُحْدِثَةَ وَالْمُتَطَهِّرَةَ مِنْ الْحَيْضِ بِالتَّيَمُّمِ وَالْمُحْدِثَ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ فَقَدْ أَوْجَبَ أَنَّهُمَا عَمَلَانِ مُتَغَايِرَانِ، فَكَيْفَ يُجْزِئُ عِنْدَهُ عَنْهُمَا عَمَلٌ وَاحِدٌ قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا حُجَّةَ لِلْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ نِسَاءَنَا حَرْثًا لَنَا وَلِبَاسًا لَنَا، وَأَمَرَنَا بِالْوَطْءِ فِي الزَّوْجَاتِ وَذَوَاتِ الْأَيْمَانِ، حَتَّى أَوْجَبَ تَعَالَى عَلَى الْحَالِفِ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَجَلًا مَحْدُودًا - إمَّا أَنْ يَطَأَ وَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، وَجَعَلَ حُكْمَ الْوَاطِئِ وَالْمُحْدِثِ الْغُسْلَ وَالْوُضُوءَ إنْ وَجَدَ الْمَاءَ، وَالتَّيَمُّمَ إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ، لَا فَضْلَ لِأَحَدِ الْعَمَلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَطْهَرَ مِنْ الْآخَرِ وَلَا بِأَتَمَّ صَلَاةً، فَصَحَّ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمَهُ، فَلَا مَعْنَى لِمَنْعِ مَنْ حُكْمُهُ التَّيَمُّمُ مِنْ الْوَطْءِ، كَمَا لَا مَعْنَى لِمَنْعِ مَنْ حُكْمُهُ الْغُسْلُ مِنْ الْوَطْءِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي النَّصِّ سَوَاءٌ، لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا وَالثَّانِي فَرْعًا، بَلْ هُمَا فِي الْقُرْآنِ سَوَاءٌ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ يَؤُمّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ وَالْمُتَوَضِّئُ الْمُتَيَمِّمِينَ]
248 - مَسْأَلَةٌ:
وَجَائِزٌ أَنْ يَؤُمَّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ، وَالْمُتَوَضِّئُ الْمُتَيَمِّمِينَ، وَالْمَاسِحُ الْغَاسِلِينَ وَالْغَاسِلُ الْمَاسِحِينَ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَطْهَرَ مِنْ الْآخَرِ، وَلَا أَحَدُهُمَا أَتَمَّ صَلَاةً مِنْ الْآخَرِ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ هَهُنَا وَاجِبٌ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَبَيَّنَهُ وَلَا أَهْمَلَهُ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَسُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَدَاوُد وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.
وَرُوِيَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْمُتَيَمِّمُ الْمُتَوَضِّئِينَ وَلَا الْمُقَيَّدُ الْمُطْلَقِينَ، وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا يَؤُمُّ الْمُتَيَمِّمُ مِنْ جَنَابَةٍ إلَّا مَنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَبِهِ يَقُولُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: لَا يَؤُمُّهُمْ.
وَكَرِهَ مَالِكٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَؤُمُّهُمْ إلَّا إنْ كَانَ أَمِيرًا.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 366
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست